رياضة

هل يهدد التغير المناخي كرة القدم؟

اللعب ضد الزمن.. كيف يعد التغير المناخي كارثة تلوح في الأفق للرياضة العالمية؟ وما علاقة محمد صلاح بذلك؟

future سقوط حكم الرابة بمباراة منتخبي بيرو وكندا في دور المجموعات ببطولة كوبا أمريكا 2024 مغشياً عليه متأثراً بارتفاع درجة الحرارة

«سيموت أحد اللاعبين يوماً ما، عندها ستدركون الوضع».

— لاعب التنس الروسي دانييل ميدفيديف متجهاً للكاميرا، خلال مباراة نصف نهائي بطولة أمريكا المفتوحة للتنس 2023

صرخ ميدفيديف بالكلمات أعلاه عندما اضطر لخوض نصف نهائي أمريكا المفتوحة للتنس في درجة حرارة 35 درجة مئوية، وفي ملعب شبه مغلق.

وإبان بطولة كوبا أمريكا لكرة القدم 2024 التي أقيمت في الولايات المتحدة، وتحديداً في مباراة بيرو وكندا في دور المجموعات، سقطَّ حكم الراية مغشياً عليه، نتيجة درجة الحرارة المرتفعة في مدينة كانساس، لتتوقف المباراة على إثر هذا الحادث لعدة دقائق.

وتكررت الشكوى من ارتفاع درجات الحرارة في الولايات المتحدة من عدة لاعبين ومدربين، وهو ما استدعى تدخلاً عاجلاً من اتحاد أمريكا الجنوبية لكرة القدم، الذي أمر بزيادة حصة اللاعبين والفرق من الماء والثلج بخاصة وقت المباريات.

لكنه علل أن السبب في كل ذلك ليس بيديه وإنما بسبب التغيرات المناخية التي يشهدها العالم أجمع، وهو ما أثار سؤالاً لدينا هل تهدد التغيرات المناخية الرياضة عامة وكرة القدم على وجه الخصوص؟

كارثة تلوح في الأفق

وفقًا للتقرير الذي يحمل عنوان «اللعب ضد الزمن: الرياضة العالمية وحالة الطوارئ المناخية» الذي نشره تحالف الانتقال السريع في إنجلترا يستنتج أنه خلال العقود الثلاثة المقبلة:

  •   سيكون ربع ملاعب كرة القدم في الدوري الإنجليزي معرضاً لخطر الفيضانات كل موسم.
  •     سوف يتضرر واحد من كل ثلاثة ملاعب جولف في بطولة بريطانيا المفتوحة بسبب ارتفاع منسوب مياه البحر.
  •       نصف المدن الأولمبية الشتوية السابقة ستكون مضيفة غير موثوقة للرياضات الشتوية.

ولا يقتصر الأمر على ارتفاع منسوب مياه البحر، لكن الأنكى هو موجات الحر والجفاف والحرائق وتلوث الهواء، التي من شأنها أن تعطل عديداً من الألعاب الرياضية في العقود المقبلة، من ركوب الأمواج في كاليفورنيا إلى لعبة الركبي في ساموا.

على سبيل المثال؛ خسر ملعب مونتروز للجولف في اسكتلندا 23 قدماً بسبب تآكل السواحل العام الماضي، بينما حاول ملعب دونبيغ التابع لدونالد ترامب في أيرلندا بناء جدار بحري لكبح المد المرتفع.

كما تعرض موسم كرة القدم 2023-24 في المملكة المتحدة بالفعل لـ10 عواصف، كان نتيجتها إلغاء عديد من المباريات في الدوري الإنجليزي لكرة القدم بين 18 و21 أكتوبر. وعلى المستوى العالمي، أكدت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية أن عام 2023 كان العام الأكثر حرارة على الإطلاق.

وهو ما ينذر بخطر في المستقبل القريب، لكن كرة القدم ليست ضحية على طول الطريق كما يبدو لك.

انبعاثات دولة متوسطة الحجم

وفقًا لتقرير منظمة «Rapid Transition Alliance» الدولية للأبحاث المناخية، يصدر قطاع الرياضة العالمي نفس مستوى انبعاثات دولة متوسطة الحجم من خلال البصمة الكربونية الناتجة عن النقل والإنشاءات والملاعب الرياضية وتوريد المعدات ذات الصلة بالرياضة، بجانب البلاستيك والنفايات الأخرى الناتجة أثناء الفعاليات والمباريات.

وتشير التقديرات إلى أن مباريات أولمبياد ريو 2016 أطلقت 3.6 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون، وهو الغاز المسؤول بشكل أساسي عن ظاهرة الاحتباس الحراري. وهو نفس الرقم تقريباً الذي أنتجه مونديال قطر، بينما أطلقت مباريات كأس العالم 2018 في روسيا 2.16 مليون طن.

طبقاً لموقع Ozon تأتي معظم الانبعاثات في قطاع الرياضة، من بناء البنية التحتية، ومن الفرق التي تستخدم أساليب سفر أقل استدامة، فعلى سبيل المثال تعادل الانبعاثات الناتجة من سفر الثمانية أندية الكبرى في إنجلترا في مرحلة الموسم التحضيري فقط أكثر من انبعاثات ثلاثة آلاف سيارة لمدة عام، أو استهلاك الكهرباء لما يقرب من ثلاثة آلاف منزل لمدة عام.

كما أن عديداً من الأندية تحصل على رعاية من قبل شركات الوقود الأحفوري، الذي يعده علماء المناخ أنه لا يوجد حل لأزمة المناخ دون نهاية صناعته.

فإضافة لاستخدام الطائرات الخاصة، وبناء الاستادات، وسفر المشجعين، هناك أيضاً البصمة الكربونية لإنتاج الملابس الرياضية، التي تسهم في ما يقرب من 1% من انبعاثات الكربون في المملكة المتحدة. وعلى الرغم من أن هذه النسبة صغيرة مقارنة ببعض قطاعات الصناعة الأخرى، لكن كرة القدم مع ذلك قادرة على إحداث أضرار بيئية كبيرة.

لكن مؤخراً ومع علو الأصوات التي تنادي بتغير جذري في طريقة تناول كرة القدم والرياضة لقضايا المناخ، بدا أن هناك استجابة قد تشير إلى بارقة أمل في المستقبل.

صفر بحلول عام 2040

في السنوات الأخيرة، وقع عديد من الاتحادات والهيئات الإدارية والأندية على إطار عمل الأمم المتحدة للرياضة من أجل المناخ، الذي يلزمهم بخفض الانبعاثات إلى النصف بحلول عام 2030، والوصول إلى صافي الصفر بحلول عام 2040.

غير أن هناك عدداً متزايداً من الجهات الفاعلة التي تقوم بدور نشط في معالجة تغير المناخ. أصبح لاعبو كرة القدم والرياضيون بشكلٍ عام، على استعداد متزايد لاستخدام منصتهم لمناصرة القضايا القريبة من قلوبهم.

يقول ديفيد ويلر لاعب خط وسط وايكومب واندررز الإنجليزي السابق، ومنشئ رابطة «كرة القدم من أجل المستقبل» أنه عقد عدة دورات للاعبي الدوري الإنجليزي، بهدف توعيتهم بدورهم في قضايا التغير المناخي.

«كان الهدف هو جمع لاعبي كرة القدم المحترفين الحاليين ولاعبي كرة القدم المحترفين السابقين والأشخاص الذين يعملون في مجال كرة القدم معاً للحصول على دورة تدريبية مكثفة حول ماهية تغير المناخ وكيف يؤثر على كرة القدم وكيف تؤثر كرة القدم عليها».

يردف ويلر بأن كرة القدم لديها القدرة على إثارة العمل الجماعي وإحداث صدى لدى الجمهور، وهو ما يجعل دور اللاعبين والفرق بالغ الأهمية في قيادة التغيير الاجتماعي وربما قيادة ما سماه العمل المناخي الإيجابي.

وهناك بعض الأمثلة على ذلك، يعمل ملعب تدريب توتنهام هوتسبير بالطاقة المتجددة بنسبة 100%، ويعمل النادي على تقليل المواد البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد في عملياته.

كما قدم نادي مانشستر سيتي نقاط إرجاع مجانية للقميص للجماهير، وذلك باستخدام تقنية إزالة البلمرة التي تسمح بإعادة تدوير الأطقم التي تتميز بالنقوش والمطرزات.

لكن ويلر يعتقد أن اللاعبين وخصوصاً النجوم منهم الذين يروجون لشركات الوقود، يرتكبون فعلاً يشبه الخيانة للعبة وللمجتمع بوجه عام.

حتى هذه القضية لا يدعمها صلاح

نشر موقع كلايمت تريكر المعني بالتغيرات المناخية تقريراً يشير إلى تلك النقطة تحديداً، وينتقد فيه مشاركة محمد صلاح العام الماضي في إعلان لشركة إكسون موبيل Exxon Mobil، إحدى أكبر شركات النفط في العالم، التي لها تاريخ طويل في إنكار تغير المناخ، وتتسبب أعمالها في زيادة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وتفاقم أزمة الاحتباس الحراري العالمية، مما جعلها هدفاً لنشطاء ومنظمات البيئة طوال الوقت.

يبرز التقرير التناقض الذي وقع فيه نجم ليفربول الذي يقود حملات توعية ضد المخدرات، في حين أنه في نفس الوقت يروج لشركة تنكر عواقب تغير المناخ، متناسياً دور شركة موبيل في تصدير الانبعاثات الدولية المسببة للاحتباس الحراري، الذي يؤثر على جميع دول العالم، ومتناسياً أيضاً أن مصر من أكثر دول العالم عرضة لتأثيرات الاحتباس الحراري.

ففي دراسة للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ IPCC، تفيد بأن الإسكندرية قد تختفي مع ارتفاع مستوى سطح البحر 0.5 متر، مما قد يسهم في تشريد نحو ثلاثة ملايين نسمة.

لم تكن هذه هي المرة الأولى التي توجه فيها الجمعيات البيئية المعنية بالمناخ سهامها ناحية محمد صلاح، ففي 2019، انتقد نشطاء المناخ، صلاح و19 لاعباً آخرين، بسبب مساهمتهم في انبعاث ثاني أوكسيد الكربون عبر رحلاتهم الجوية.

حل محمد صلاح ثامناً ضمن قائمة أُعدت لأكثر اللاعبين المساهمين في الانبعاثات ونشرها موقع Footballpredictions الإنجليزي، الذي جمع إجمالي الانبعاثات بناء على رحلات سفر كل لاعب على درجة رجال الأعمال إضافة إلى الرحلات التي خاضوها للمشاركة في المباريات القارية والدولية خلال عام 2019.

وتصدر مدافع منتخب البرازيل ونادي باريس سان جيرمان، ماركينيوس، القائمة، بينما تسببت رحلات صلاح الشخصية والكروية خلال نفس العام بانبعاث 22.7 طناً من ثاني أوكسيد الكربون بإجمالي مسافة قدرها 47.257 كيلومتر.

في النهاية يحتاج العالم في كافة القطاعات إلى برامج تهدف لزيادة الوعي بقضايا المناخ، كما يحتاج إلى خطوات جادة من المسؤولين تجاه المتسببين في الأضرار، ورادع لكل من يخالف قواعد البيئة، وبالتأكيد يحتاج إلى وعي الرياضيين ولاعبي كرة القدم في تطبيق ذلك، حتى لا نصبح ذات يوم ونجد أن اللعبة الأشهر حول العالم باتت في طي النسيان.

# كرة القدم # التغير المناخي # تغير المناخ # بيئة

ليسوا جميعاً إيتو ودروجبا: كيف تتبخر أحلام الاحتراف الأفريقي في أوروبا؟
مَن الذي أغضب روي كين؟
جوارديولا يمدح خصومه: هكذا أصبحت التيكي تاكا مذهباً

رياضة