في الدورة 77 لمهرجان كان، عُرض فيلم أيمن الأمير وندى رياض الأحدث "رفعت عيني للسما" في مسابقة أسبوع النقاد، وفاز بجائزة العين الذهبية لأفضل فيلم تسجيلي في المهرجان. بعد عرض الفيلم كان لكروم فرصة للقاء المخرجين سريعًا والحديث عن رحلة صناعة الفيلم.
كيف بدأت رحلة الفيلم وما هو أول لقاء لكم بالفتيات؟
أيمن الأمير: بين 2014 و2017، عملنا مع عدة مؤسسات تعمل على دعم المرأة من خلال الفن، ليس فقط في القاهرة والإسكندرية، بل في مدن وقرى الصعيد. سافرنا كثيرًا معهم، ومن هنا رأينا الفتيات لأول مرة في قرية قريبة من البرشا، إذ كانوا يقومون بعرض يُدعى "محكمة القرية" يطرحون فيه قضايا جريئة مثل الزواج المبكر، وكان العرض تفاعليًا إذ كانوا يشركون الجمهور في تلك العروض، ورغم أن تفاعل الجمهور لم يكن دائمًا إيجابيًا، إلا أن الفتيات كن مستمرات وملتزمات بالقيام بعروضهن، كانت رؤيتهن للمرة الأولى أشبه بمعجزة حقيقية.
تعرفنا عليهن واحدة تلو الأخرى سواء عند ذهابنا للصعيد أو عند قدومهن إلى القاهرة، علموا أننا صناع أفلام وطلبوا مشاهدة أفلامنا السابقة، وبعد مشاهدتهن فيلمنا الوثائقي الطويل "نهايات سعيدة" والذي كنا مخرجيه وكنا جزء من شخصياته أيضًا، شعروا بإمكانية التعبير عن مشاعرهن وقصصهن من خلال وسيط السينما. سألوننا الكثير من الأسئلة حول الأفلام وصناعتها والتصوير وعن معنى الفيلم التسجيلي، ثم طلبوا مننا أن نقوم بتصويرهن، وأن ننظم لهن ورشًا للكتابة والمسرح، فكانت علاقتنا معهن متبادلة، وفي بعض الأحيان كانوا يمسكون بالكاميرا ويقومون بتوجيهها ناحيتنا ويسألونا أسئلة شخصية.
هل كسر ذلك حاجز الخجل من الكاميرا وجعلهن يشعرن بالراحة التامة أثناء التصوير؟
ندى رياض: ليس بالضرورة أنهن من طلبوا ذلك أن لا يشعروا بالخجل من الكاميرا أو سينسون وجود الكاميرا. على الأقل في البداية، سيكون أي شخص واعيًا بوجود الكاميرا. كنا بحاجة إلى قضاء وقت طويل معهن حتى يعتادوا وجود الكاميرا والفريق الذي خلفها، ليشعرن بالراحة والطبيعية.حدث ذلك أيضًا مع أهاليهم وأهالي القرية بشكل عام. في البداية، لم نتمكن من الانتقال من شارع إلى آخر دون أن يتجمع الناس حولنا ويقومون بعمل ضجة كبيرة. بعد فترة، اعتاد الناس وجودنا ووجود الكاميرا، وأصبحوا يعرفوننا كالفريق الذي يصور فرقة المسرح.
كيف بدأتم في بناء الفيلم في أذهانكم والشخصيات، خاصة أن الفيلم يتناول أجزاء توثق رحلة البنات الفنية وأخرى شخصية؟ بمعنى أدق كيف تم بناء الفيلم، وهل احتجتم إلى عمل إعادة تمثيل لبعض المواقف؟
أيمن: في السنة الأولى، صورنا مع الفتيات أكثر في مكان البروفات والورش التي كانوا يتدربون فيها، بعدها بدأوا بدعوتنا لشرب الشاي أو تناول الغداء، ومن هنا بدأت علاقتنا بالأهالي والتصوير معهم، لكنهم كانوا يشعرون بوجود الكاميرا. معظم المشاهد مع الأهالي لم تُصوَّر في السنة الأولى، بل جاءت في مرحلة متأخرة. في البداية، كنا نتابع 6 شخصيات وليس 3 فقط، وفي لحظة أثناء التصوير، عندما بدأت الفتيات يكبرن، شعرنا بأن اللحظة التي تزوجت فيها مونيكا كانت محورية. في البداية، كانت الفتيات مراهقات لديهن العديد من الخيارات، ولكن بعد الزواج، بدأت الخيارات تتقلص وتأخذ كل واحدة مسارًا مختلفًا. هذه اللحظة جعلتنا نخرج من فقاعة المراهقة لنرى حياتهن في سياق أوسع مع أهاليهن وإخوتهن وشركاء حياتهن. أما عن مشاهد التصوير في المواقف الصعبة مع أخواتهن، فقد أصبحنا قادرين على توقع متى ستحدث هذه المواقف، لذا كنا موجودين بالكاميرا لالتقاط اللحظات الحقيقية.
ندى رياض: لم نعتمد على إعادة التمثيل، ظن معظم الناس من كثرة تماسك خط القصة أن هناك إعادة تمثيل لبعض المشاهد. ولكن كما قال أيمن، الفكرة هي أن يكون لديك الصبر الكافي للتعايش معهم ومعرفة متى ستحدث هذه المواقف والتواجد بالكاميرا لالتقاط الحدث. نحن نصور كل يوم لمدة 6 ساعات، لذا لدينا فكرة عما ستكون عليه المشاهد من خلال خبرتنا، وكنا نتناقش متى سيحدث ذلك، وكيف سنضع الكاميرا وأي الزوايا سنستخدم لتصوير تلك المواقف.
ما هي التحديات الإنتاجية التي واجهتكم لصناعة هذا الفيلم؟
هذا الفيلم مختلف لأننا نعلم من البداية أن التصوير لن ينتهي في أسبوع أو أسبوعين، لأننا لا نعرف متى ستحدث الأحداث. لم يكن بإمكاننا انتظار اكتمال ميزانية الفيلم لبدء التصوير، لذا كان علينا العمل بما هو متاح. عندما يتوفر لدينا مبلغ ما، كنا نسافر للتصوير لأن الانتظار لم يكن خيارًا. كنا بحاجة إلى استراتيجية معينة ومعدات تمكننا من المرونة في التصوير، وكان في ذلك بعض المخاطرة، ولكن كانت هذه هي الطريقة الوحيدة لصناعة هذا الفيلم.