مجتمع

هاشم صفي الدين: القائد المنتظر الذي يخشى حزب الله غيابه

ماذا نعرف عن هاشم صفي الدين؟ وفي ظل حالة الاضطراب التي يمر بها حزب الله على المستوى التنظيمي، هل وجود شخصية مركزية في الحزب بثقله يعيد بعض التوازن؟

future رئيس المجلس التنفيذي لحزب الله، هاشم صفي الدين

جاء الاستهداف الإسرائيلي لهاشم صفي الدين، الخميس 3 أكتوبر 2024، باعتباره أهم قادة حزب الله اللبناني؛ فهو رئيس المجلس التنفيذي للحزب، وكان يتولى أبرز وأخطر الملفات حتى اغتيال حسن نصر الله أمين عام الحزب، وهو أقرب المقربين منه، فهو ابن خالته وأصغر منه بأربع سنوات ويشبهه في المظهر وطريقة الكلام.

هناك شبه كبير بين مسيرة الرجلين؛ فقد وُلد هاشم صفي الدين مثل نصر الله في قرية تابعة لمنطقة صور جنوب لبنان، وكان من بين مؤسسي حزب الله عام 1982 وهو في سن الثامنة عشرة.

ترقَّى صفي الدين في المراكز القيادية بالحزب إلى أن أصبح أحد الأعضاء السبعة لمجلس شورى الحزب، ويتولى رئاسة المجلس التنفيذي للحزب منذ عام 1994، ويعد هذا المجلس بمثابة حكومة الحزب، وهو عضو أيضاً في مجلس الجهاد، الذي يشرف على الملفات العسكرية، لذا كان له دور رئيسي في القتال الذي استمر لسنوات في سوريا.

العلاقة بإيران

يُعرف عن هاشم صفي الدين أنه مقرب من إيران، فقد درس في حوزة قُم الإيرانية، وبذلك اختلف عن سابقيه من القادة الذين درسوا في حوزة النجف بجنوب العراق. فبسبب تضييق النظام العراقي على الحوزة الدينية واعتقال طلابها اللبنانيين خلال الحرب مع إيران في الثمانينيات، اقتصر صفي الدين على الدراسة الدينية في حوزة قُم جنوب العاصمة الإيرانية طهران، وتزامل مع ابن خالته حسن نصر الله هناك؛ إذ فر الأخير من العراق هرباً من الاعتقال وأكمل دراسته بين لبنان وإيران.

احتفظ صفي الدين بعلاقات شخصية مع كبار المسئولين في طهران منذ فترة وجوده في مدينة قُم، ويُقال إنه كان يتواصل بشكل مباشر مع مكتب المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية علي خامنئي. كما أن شقيقه عبد الله صفي الدين، هو مسئول مكتب حزب الله في طهران، أي أهم مسئول دبلوماسي في الحزب؛ لأنه يشرف على القناة الواصلة بين الحزب وإيران.

في عام 2020، تزوج رضا ابن هاشم صفي الدين زينب ابنة الجنرال قاسم سليماني، القائد الراحل لفيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني، وذلك بعد اغتيال والدها بعدة أشهر.

شخصيته

يُعد صفي الدين في الجناح الأكثر تشدداً في حزب الله، فهو يؤيد التصعيد العسكري ضد إسرائيل مقارنة بحسن نصر الله، كما يُشتهَر عنه حدة الطباع وقوة الشخصية. وقد هدَّد صفي  الدين بتصعيد كبير ضد إسرائيل بعد مقتل القيادي في الحزب طالب سامي عبد الله، الشهير بأبي طالب، في بيروت في يونيو 2024، وقال في جنازته: «العدو ما زال على حماقته وغيه، ولم يتعلم من كل التجارب التي مضت. إذا كان العدو يصرخ ويئن مما أصابه في شمال فلسطين، فليجهز نفسه للبكاء والعويل».

لطالما وُصف صفي الدين بأنه رجل ظل، ليس رجل خطابات عامة وظهور إعلامي، لكن بسبب حساسية موقع نصر الله وصعوبة ظهوره أو حضوره لأي مكان، بدأ دور صفي الدين يزداد أهمية ووضوحاً عبر المشاركة في الفعاليات المتنوعة التي ينظمها الحزب، مثل مشاركته التاريخية عام 2016 في الاستعراض العسكري الذي يعد الأول من نوعه للحزب في سوريا، في ريف القصير، عقب استيلاء الحزب عليها بعد سلسلة من المجازر ضد السكان.

على مدى ثلاثة عقود أدار صفي الدين الملفات اليومية الحساسة داخل حزب الله؛ من إدارة المؤسسات إلى إدارة الأموال والاستثمارات في الداخل والخارج، فبحكم كونه رئيس المجلس التنفيذي، فهو يشرف على الأنشطة الاجتماعية والاقتصادية المختلفة للحزب، ويوزع المهام ويتابع التنفيذ.

قاد صفي الدين جهود إعادة إعمار الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل قيادة الحزب، بعدما تعرضت لدمار كبير بسبب القصف الإسرائيلي في حرب يوليو 2006، وحينذاك أُعيدت بيوت المواطنين المدمرة في المناطق الموالية للحزب.

القائد المنتظر

ظل يُنظر إلى هاشم صفي الدين لفترة طويلة بصفته القائد المستقبلي للحزب؛ ففي عام 2008، كشفت وسائل الإعلام الإيرانية، اختياره ليكون خليفة لحسن نصر الله في حال اغتياله، ومنذ ذلك الحين يعتبر القائد المنتظر للحزب. ومما قوَّى مركزه لتبوء هذه المكانة، انتسابه لآل البيت مثل نصر الله، لذا يعتمر عمامة سوداء للدلالة على هذا الانتساب العائلي.

في عام 2017، أُدرج اسمه على لوائح الإرهاب في الولايات المتحدة، وتبعتها المملكة العربية السعودية في ذلك. وفي 2018 وضعته الإمارات والبحرين والكويت وسلطنة عمان وقطر على لوائح الإرهاب.

الاستهداف

تصدَّر هاشم صفي الدين قوائم الاغتيالات الإسرائيلية بعد تصاعد المواجهات بين الطرفين هذا العام، 2024، ففي 14 يونيو 2024 شن الجيش الإسرائيلي هجوماً صاروخياً على بيته في قريته دير قانون النهر في الجنوب اللبناني، لكن بعد فترة وجيزة أعلن متحدث باسم الحزب أن المنزل كان فارغاً لحظة الهجوم.

وفي الثالث من أكتوبر 2024، شنت المقاتلات الإسرائيلية هجوماً على أكثر ملاجئ حزب الله عمقاً تحت الأرض لاستهداف اجتماع رفيع المستوى يضم صفي الدين؛ لإحباط جهود لملمة شتات الحزب وإعادة بناء هيكله القيادي؛ لأن صفي الدين هو أقدر شخصية داخل حزب الله تستطيع إتمام هذه المهمة الصعبة في الظرف العصيب الحالي الذي يمر به الحزب.

إجمالاً، ورغم حالة الاضطراب التي يمر بها حزب الله على المستوى التنظيمي، فإن وجود شخصية مركزية في الحزب، بثقل هاشم صفي الدين، قد يُعيد إلى الحزب بعض التوازن. أمَّا تغييبها عن المشهد، فقد يجعل مصير الحزب، على المستوى التنظيمي، وفي ظل التصعيد الحالي، محل شك كبير.

# حزب الله # لبنان # طوفان الأقصى # إسرائيل # حرب غزة

جولات بلينكن في المنطقة ولعبة سياسة الهندسة
الهجوم الصاروخي على إسرائيل: إيران دولة برجماتية
«حيفا»: قنبلة موقوتة تحتضنها إسرائيل

مجتمع