معرفة

ندوات لها تاريخ: مجالس الشيخ محمد عبده

من تحرير الفكر إلى مواجهة التعنّت: قراءة في الرحلات التي صاغت وعي الإمام محمد عبده الإصلاحي، وأعادت تشكيل نظرته إلى واقع الأمة كما عرضها في مجالسه.

future صورة تعبيرية من صفحة «عين على التراث» على فيسبوك

«نشر هذا المقال لأول مرة في مجلة العربي 1 أبريل عام 1972»

كانت دار الإمام الشيخ محمد عبده في عين شمس من أشهر مجالس العهد الماضي؛ فقد حفلت بجلسات تاريخية شهدت كثيرًا من المواقف الحاسمة في تاريخ مصر والإسلام والأزهر، وعُرفت بروادها العديدين من تلاميذ الشيخ ومريديه وصفوة أصدقائه، وهم يومئذ أبرز الشخصيات في مجتمع القاهرة؛ وكان في مقدمة هؤلاء: حسن عاصم، وقاسم أمين، وفتحي زغلول، وعبد العزيز جاويش، ومحمد المهدي، وأحمد الإسكندري، وحفني ناصف، وإسماعيل صبري، وعلي بهجت، وإسماعيل رأفت، وأحمد إبراهيم، وعبد الوهاب النجار..

وكان حافظ إبراهيم ورشيد رضا من الأعمدة الثوابت التي لا تتخلف عن مجلس أبدًا. وكان الشاعر الرحالة البريطاني الشهير «بلنت» Blunt يزور مجلس الشيخ في بعض الأحيان.

وقد وصف صاحب «المنار» مجلسًا من هذه المجالس؛ فقال: إن الشيخ كان يعود بعد الغروب إلى الأزهر؛ فيقرأ الدرس، ويتجه بعد العشاء قاصدًا داره في عين شمس؛ فيجد العفاة وأصحاب الحاجات ينتظرونه في المحطة وفي البيت يعرضون عليه حاجاتهم، وبعد هذا كله لم تكن تخلو داره من السامرين الذين يتكلمون معه في الأدب والمصالح العامة والخاصة.

قال لطفي جمعة: «وكان مجلسه يحفل بكبراء مصر وأدبائها وبعض الأجانب، كما كان بيته في عين شمس ملجأ الكثيرين من ذوي الحاجات وطلاب المقاصد الشريفة، وكان بين الشيخ وبين مستر بلنت أواصر مودة قوية، وكان بلنت يقيم في قصر فخم ذي حديقة في قرية الشيخ عبيد على مقربة من عين شمس، وهو الذي أقطع الشيخ الأرض التي بنى عليها بيته بالطوب الآجر الذي لم تُنضجه النار، وكان يزور الشيخ لابسًا عباءة وعقالًا، ومعظم حديثهما بالعربية».

وكان الأستاذ يدعو بعض نجباء المصريين إلى مجالسه التي يحضرها بلنت ليأنس إليهم، ومنهم: محمد المويلحي، وعلي يوسف، وحافظ إبراهيم، وكان بلنت يقيد أحاديثهم وآراءهم.

وكان الأستاذ الإمام «إذا تحدَّث يتدفق كالسيل، ولكن في هوادة ورقة، ولئن شعر السامع بقوة الحديث وكلامه وتدفقه؛ فإنما يشعر أيضًا بأنه ماء النيل عذب السلسبيل».

وكان الشيخ، عدا أحاديثه في المسائل العامة على هذا الأسلوب المتألق، يتكلم أحيانًا، ويروي ملحًا يطلق عليها اسم اللطائف، وبعضها مقتبس من الآداب الأجنبية.

وقد أحصى كثير من تلاميذ الإمام نماذج من الأحاديث والموضوعات التي كانت تدور في ندوته، وهي في الأغلب تتصل بالأزهر والإصلاح الاجتماعي والدفاع عن اللغة العربية، ومحاولة خلق صحافة كريمة، وإنشاء أسلوب حديث في الكتابة يجمع إلى براعة الأداء حسن الصياغة، وبعدها عن الزخرف والسجع القديم.

# الشيخ محمد عبده # تاريخ مصر القديم

عبث الأقدار وتلاعبها بالملك العظيم خوفو
أخناتون العائش في الحقيقة

معرفة