لطالما كان حضور العنف ضد المرأة في السينما والدراما المصرية لافتًا، لا بوصفه حدثًا عارضًا، بل كجزءٍ مكرَّس في البناء الدرامي ذاته. تكرَّرت هذه الأنماط بكثرة، وتوارثتها الأعمال الفنية.
وفي هذا السياق، ظهرت الكثير من الدراسات التي ترصد دور الدراما في تأصيل العنف تجاه السيدات، ومن بينها تشير الباحثة إحسان عبد المجيد في دراستها «العنف والعنف المضاد لدى المرأة في السينما المصرية» إلى أن الدراما السينمائية كرَّست للعنف ضد المرأة بكافة أشكاله، سواء كان ماديًّا أو معنويًّا، أسريًّا أو مؤسسيًّا أو مجتمعيًّا، ممَّا يعكس تأثيرًا عميقًا على المتلقي ويؤصِّل لفكرة أن العنف ضد المرأة أمر معتاد في المجتمع المصري.
ومن هذا المنطلق، نسعى في هذا المقال إلى إعادة قراءة الكثير من الأعمال التي ساهمت في تشكيل هذا الوعي عن طريق أكثر من وجه، من الواضح والمباشر، وصولًا إلى الأشد خفاءً واستبطانًا.
الوجه الأول: بدون قناع

مشهد من فيلم «دعاء الكروان»
«دعاء الكروان» وقتل الفتاة البدوية الساذجة إبان واقعة استغلال جنسي، التي –على الرغم من نهاية الفيلم للمخرج هنري بركات المتغيرة عن رواية طه حسين بقتل الجاني الحقيقي المهندس إلا أن حدث قتل الفتاة جاء على نحو يُطبِّع مع فكرة قتل الفتيات وإيذائهن، وكذلك الرومانسية التي دجَّنت الكثير من مفاهيم العنف في إطار رومانسي.
وبالأخص في الدراما المصرية، مثل: «الأسطورة» وإهانة السيدات بدافع الحب والخوف عليهن، و«جعفر العمدة»، وهذه النوعية من الثيمات التي تُعلي من شأن الرجل المتزوِّج أكثر من سيدة، وبالطبع سبقها «الزوجة الرابعة» (إخراج مجدي الهواري)، والمرجع الأشهر «عائلة الحاج متولي» (للمخرج محمد النقلي)، بجانب الرومانسية الناعمة التي تُظهر هذا الزوج محبًّا حنونًا، بينما في جوهره مستغِل للنساء، يعاملهن كالأشياء، يضعهن في جدول ويختار حسب مزاجه، بجانب الكثير من الضرب والسب والعقاب للسيدات نظير اتخاذ موقف من الرجل، أو إهانة الرجال بارتداء ملابس سيدات، للتأكيد الدائم على أن السيدات وصمة وسُبَّة بأجسامهن وأزيائهن وكل ما يخصهن بوجه عام. لذا، كان ذِكر مسلسلات محمد سامي في الآونة الأخيرة أسهل مثال، مع الوصول إلى «سيد الناس» و«إش إش»، وهكذا.
الوجه الثاني: قناع سُمعة المرأة

مشهد من فيلم «ملف في الأداب»
مسلسل «لأعلى سعر» (إخراج محمد جمال العدل)، بعد أن تخلَّى الزوج هشام عن زوجته وتزوَّج صديقتها، توجه طريق سرد المسلسل إلى التأكيد على شر الزوجة الثانية وعقابها بالقتل، بل والذبح، مع عودة الزوج للزوجة الأولى وسماح المجتمع لهما كأسرة سعيدة بعد التخلُّص من عنصر الشر في حياتهما، وبعد ما عرَّض الزوج زوجته الأولى لكثير من العنف والإيذاء النفسي. فعلى الزوجة دائمًا أن تكون مسامحة صبورة، تنتظر زوجها لتعيده إلى بيتها وتغفر له كل ما تعرَّضت له من عنف معه.
توجهت السينما في كثير من الأعمال لرسم شخصيات سيدات أشرار يستحقون العقاب، ولكن المدهش أننا في عمر أصغر ربما كنا نتلقَّى العمل مثل ما يقول توجهه. بمعنى: إذا قرر «ملف في الآداب» أن يُظهر أن السيدات مظلومات فنصدقه، وعلى نفس منواله «نأسف لهذا الخطأ» و«التخشيبة»، وهي جميعها أفلام في نفس الحقبة الزمنية، حول سيدات تعرَّضن لخطأ في الإجراءات القانونية دفعن في مقابله سمعتهن وشرفهن، ولكن الأفلام أرادت أن تعطي لهن براءة داخل العمل السينمائي.
وعلى جانب آخر عكسي، كان هناك تكريس لأهمية السمعة المتعلقة بالشرف. أي: عمل ذو وجهين، أحدهما ينصف المرأة داخل درامته، لكنه يُقلقها من واقعها إذا ارتكبت أو تورطت في خطأ أو تهديد، أن ذلك سيُضيِّع شرفها، الذي هو أهم شيء، ولابد من التضحية بذاتها للوصول للحقيقة لإرضاء الناس وإظهار البراءة، حتى لو كانت مغامرة بحياتها.
الوجه الثالث: قناع المرأة دائمًا مُذنبة

مشهد من فيلم «شباب امرأة»
ربما نعود إلى فترة أقدم بكثير من كل الأمثلة السابقة، «فترة الخمسينيات» –مع الإشارة إلى أنه ما زال يمكننا إعادة قراءة الأعمال الفنية طوال الوقت، حتى وإن رحل صانعوها جميعًا، لكنها تبقى أعمالًا فنية موجودة يجوز قراءتها وفقًا لتطور المناهج والخطابات الثقافية– وأول هذه الأعمال هو «شباب امرأة» لصلاح أبو سيف، حيث علاقة شفاعات وإمام، وسنرصد الملخَّص كما قدَّمه الفيلم، حيث إمام شاب قروي ساذج يأتي للمدينة فتستغله شفاعات –المرأة التي تكبره كثيرًا في العمر– جنسيًّا، ومن ثم تموت بطريقة بشعة جزاء جرمها في استغلال الشاب، ويعود الشاب لحياة طبيعية يحب فيها فتاة من سنِّه، ويستكمل حياته.
هكذا قدَّم الفيلم سرديته، ولكن اليوم ربما نعيد قراءته بشكل أكثر موضوعية حول بناء الشخصيات، حتى دون تحيُّز للسيدات وخلافه، فوفقًا لعرض الشخصيات في العمل، هي سيدة غنية وجميلة، وهو فقير وفي بداية حياته، أدرك إعجابها به، واستفاد من أموالها، وارتضى أن تدفع له وتطعمه، وبادر بتقبيلها في النصف الأول من الفيلم.
ولكن خطاب العمل حاول تطعيم شخصية الرجل بشيئين: الأول منهما هو التديُّن، ففور سماع صوت الأذان لم يُكمل قبلته، ثم التحلي بكلمات دينية والنزول للمساجد، وهكذا. والثاني هو توضيح فُحولة الذكر عن طريق شعر الصدر المستعار وكثرة مشاهده عاري الصدر، كي يُبرز إعجاب السيدة وإصرارها عليه، وكأنه طفل وقع ضحية استغلال.
لكن في حقيقة الأمر هو من استغل إعجابها به، على المستوى الجنسي والمادي، بينما أسلوب سرد الفيلم قرَّر براءة الرجل في مقابل إدانة المرأة، لتظهر مرحلة أعمق هنا من التكريس للعنف واستغلال السيدات بحجة «عدم الفهم» عند الرجال. ولزيادة مستوى العنف، قرَّر العمل عقابها بموتها مدهوسة بأرجل حيوان (الجاموسة الغشيمة)، لدعم فكرة العنف ذاتها، كسيدة قررت إبداء إعجابها برجل فتستحق القتل!
لصلاح أبو سيف نصيب كبير في عقاب السيدات اللاتي وقعن ضحايا استغلال داخل أفلامه، كما في «بداية ونهاية»؛ حيث نفيسة التي تعرَّضت لاستغلال جنسي من قبل الحبيب بعد وعده لها بالزواج، والضغط على احتياجها الجنسي بالتوسُّل لإقامة علاقة، ومن ثم تضحية أخرى من أجل أشقائها الذكور، الذي دفعها أحدهم –عمر الشريف– لإلقاء نفسها في النيل، بعد مشهد كامل يُدينها كفتاة «عاهرة» يمتلك سلطة عقابها، رغم أن كل ما وصل إليه كان بفضلها، وفي النهاية لم يُبادر بإنقاذها، وينتهي الفيلم بعقاب نفيسة، الضحية الحقيقية في الفيلم.
وربما يستشعر الفيلم في نهايته أنها ضحية بالفعل، ليُظهر «فويس أوفر» على لسان الشقيق يؤكد أنه لم يجد أي حل لإنقاذ سمعة الأسرة سوى قتلها، بل والزج بها لتموت منتحرة! أي لتتحمَّل للنهاية عواقب أفعالها، رغم أنه هو قاتلها الحقيقي. وسريعًا يقول إنها مسكينة وضحية المجتمع والظروف، بعد أن قام الفيلم بإدانتها ومعاقبتها وتعنيفها وقتلها! أي يحاول أن يكون عادلًا بعد تطبيع كامل للعنف ضدها.
الوجه الرابع: قناع وصفها نمطية مزعجة وتستحق العقاب

مشهد من فيلم «حب لا يرى الشمس»
على جانب آخر، وخطاب مختلف لزواج الرجل أكثر من واحدة أو خيانته، توجهت السينما لرسم شخصيات نمطية للغاية تُبرِّر الزواج الثاني والخيانة، بل والزج بالمتفرج أيضًا لدعم هذه العلاقات وإدانة الزوجة الأولى، كما ورد في فيلم «حب لا يرى الشمس» لأحمد يحيى. يريد والد البطل (فريد شوقي) أن يُزوِّج ابنه محمود عبد العزيز امرأة أخرى نجلاء فتحي على زوجته صفية العمري كي يُنجب ولدًا، لأن الزوجة الأولى تعاني من مشاكل في الإنجاب. تظهر حياة الزوجين في غاية الرومانسية والود، إلى أن يتزوج من أخرى ويبدأ في التعلق بها، ويهمل الأولى تمامًا.
يبدأ الفيلم في تصوير قصة الحب بين محمود عبد العزيز ونجلاء فتحي، بصفتها قصة جميلة للغاية، يعقب طريقها دائمًا الشريرة العصبية بلا سبب الزوجة الأولى، ويؤكد العمل بشكل مستمر على أنها هي الطرف الضد. تسير سردية الفيلم على تشكيل قصة حب أفلاطونية يعترضها عنصر معادٍ، وتضع في هذه الخانة الزوجة الأقدم، المحبة الوفية، التي ارتضت زواج زوجها من أخرى لتتحقق سعادته.
لكن الفيلم لم يلتفت لمعاناتها بقدر رسم شخصيتها كطرف مُعادٍ يحاول إفساد الحب، ويبقى التركيز الكلي على آلام الحبيبين، دون أي التفات لآلام السيدة المضحية، التي يراها المتفرج أيضًا عنصر الشر في الحكاية، وأن الحب «لم يرَ الشمس» بسببها، بصفتها عنصرًا أساسيًّا في إفساد العلاقة، لأنه لم يكن قادرًا على مواجهة المجتمع بالسيدة الجديدة نظرًا لوجود زوجة أخرى. فيريد التخلُّص منها.
الوجه الخامس: قناع الحكم بالعنف والنَّبذ مدى الحياة

مشهد من مسلسل «الحقيقة والسراب»
في الدراما أيضًا نجد أنفسنا أمام إعادة قراءة واكتشاف الشخصيات على حقيقتها. وعلى منوال الزواج الثاني، لم تُقدَّم نفيسة في مسلسل «الضوء الشارد» لمجدي أبو عميرة بأي شر أو أذى لزوجها، بل كانت دائمًا تحاول التقرب منه، بينما صوَّرها المسلسل طرفًا ضد علاقة الحب بين رفيع بيه وفرحة. وفي النهاية، بقيت نفيسة مظلومة داخل العمل في مقابل نجاح قصة الحب القائمة على خيانتها وظلمها، وانتهى العمل بسجنها، وهي ضحية للأب والزوج معًا.
كذلك المسلسل الأشهر «الحقيقة والسراب» (للمخرج نفسه)، والتكريس المباشر للعنف ضد النساء، والشخصية الأبرز التي قدمتها مي عز الدين «منال»، على الرغم من أنها ضحية استغلال مادي وجنسي وخداع وكذب، لكن العمل يرتكز على إدانتها ووصمها، لرسم صورة نمطية للفتاة المهذبة أخلاقيًّا، حيث شخصية سلوى (ريهام عبد الغفور) في مقابلها، التي يفوز بها حسام (أحمد زاهر)، رغم أنه رجل مستغِل للفتيات، ويفعل كما فعلت شقيقته منال من صداقات وممارسات جنسية، لكن العمل راضٍ عنه تمامًا، وجعله يفوز بالفتاة المثالية، لأنه رجل من حقه التجربة، بينما منال، التي لم تدخل أي تجارب سوى واقعة الاستغلال، هي المُدانة، التي لم يُعطِها العمل أي فرصة لبداية حياة جديدة بشكل طبيعي، بل قدَّمها بصفتها مثالًا تحذيريًّا للفتيات.
وكذلك التكريس لصورة الزوجة المخلصة المؤدبة التي تعيش على ذِكرى زوجها طوال حياتها، دون حقها في الحياة والزواج وبداية حياة جديدة، ليُصدر هذا المسلسل صورًا نمطية عن الأخلاق والإخلاص والسيدات والرجال، ساهمت بكل الأشكال في معاقبة السيدات والعفو عن الرجال، وإدانة من تبحث عن المتعة، ومعاقبتها وتعنيفها.
على غرار الوجه الرابع مع مزيج من الرومانسية الناعمة

مشهد من فيلم «أميرة حبي أنا»
ربما أردت أن أترك هذا النموذج بمفرده نظرًا لكون الشخصية التي سنذكرها، ربما لم تكن في ذاكرة الكثير عند قول اسم الفيلم بسبب تهميشها وتنميطها المبالغ فيه، بجانب أن هذا العمل تحديدًا ورغم كونه فكاهي استعراضي، يقدم سعاد حسني كالفراشة الجميلة ويذاع في كل عيد ربيع، ألا وهو «أميرة حبي أنا» لحسن الإمام، عن قصة حب عادل وأميرة المستحيلة، ومحبة الجمهور لمثل هذه النوعية من الحب المستحيل الذي يتحقق في النهاية، وذلك المنطوي الجان الجميل حسين فهمي الذي أحب السندريلا.
وفي الخلفية تظهر شخصية الزوجة الأولى لعادل «أماني» سهير البابلي، كشخصية درامية ذات نمط واحد، لا دوافع أو مبررات للأفعال، بل هي شخصية عصبية بشكل مُستمر دائمة الخطأ والتوبيخ في زوجها، وكل ذلك لتبرير خيانة الزوج، مع الذكر بين الأحداث أنه شخص مستغل تزوج من أماني دون حب، بل طمعًا في الوظيفة ومنصب والدها، وبعد حبه لأميرة يظل عالق بينهما، لا يريد أن يتخلى عن استغلاله للزوجة الأولى، ولا الثانية،
وفي النهاية ينتصر الحب، في مقابل تركه للشريرة النمطية، وسماح جديد للرجل وبداية حياة جديدة، في مقابل تهميش مصير الزوجة وتنميط كتابة تفاصيلها، وتصويرها بأنها العنصر الضد الذي يعوق إتمام قصة الحب الجميلة.
الوجه السادس: قناع معايير للنساء اللاتي يستحقِقن التعاطف

مشهد من مسلسل «قضية رأي عام»
فيلم «اغتصاب» (إخراج علي عبد الخالق) لم يتخلَّ عن الوعظ في النهاية وقتل الثلاثة شباب الذين اعترضوا طريق الفتاة البريئة «هدى رمزي» ومطاردتها بهدف اغتصابها. ولكن، وعلى غرار هذا الفيلم والكثير غيره، إذا أراد عملٌ ما توضيح براءة سيدة، لا بد من تصميم شخصيتها على نحو فائق الأدب، وفْقًا للصورة النمطية. أي إذا كانت تستحق التعاطف، فهي تستحقه لأنها ترتدي ملابس محتشمة، وتتحلَّى بكافة الأخلاق النمطية المرضيّة لقيم المجتمع.
حتى عندما وصلنا لمسلسلات مثل «قضية رأي عام» أو مسلسل «الطاووس» حديثًا، فإذا أراد العمل أن يوجّه الجمهور للتعاطف مع السيدات، فلا بد من تصدير صور نمطية أخرى عنهن، لتكريس مُستتر تمامًا لفكرة إتاحة العنف ضد أي سيدة لم تسر على هذا الشكل المقولب.
وبالعودة مجددًا لفيلم «اغتصاب»، فهو مُقدَّم في قالب فكاهي، وكأنها مطاردة عادية، وليس ضغطًا ورعبًا لفتاة يتحرش بها رجال ويريدون اغتصابها. وفي النهاية، أراد الفيلم العفو عن أحدهم –«فاروق الفيشاوي»– والعفو يأتي من الفتاة نفسها، وتبادل نظرات الإعجاب بينهما! أي الإعجاب بالمغتصِب، بوصفه «طيش شباب بسيط». وهو الوحيد الذي ينتهي الفيلم دون أن يموت، بل ما زال على قيد الحياة، وربما يستحق فرصة أخرى في السماح والعيش مع «حبيبته» التي اختبرها في موقف أقدم فيه على اغتصابها، ورفضت بقوة، فتأكد من أخلاقها، وقرَّر أن يُعلن إعجابه بها! وحتى إن مات، فهو قد تطهَّر، ويستحق السماح والعفو.
الوجه السابع: على المكشوف... خلع القناع من جديد

مشهد من مسلسل «سفاح الجيزة»
كلما أنهيت نموذجًا، تذكَّرت آخر. بين تدرُّجات في تكريس العنف ضد المرأة، ربما هناك ما هو أوضح ومعاصر أكثر للوقت الحالي، كـ «سفاح الجيزة» (إخراج هادي الباجوري)، واستغلال الشق الخاص بجرائم العنف ضد النساء لتسويق العمل، و«في ساعته وتاريخه» لعمرو سلامة، الذي استغل حادث قتل نيرة الشهيرة (طالبة المنصورة) لجذب المتفرجين، مع عدم إدانة الجاني داخل الدراما، وتصوير أن المتسببة الحقيقية وراء حادث القتل هي صديقة نيرة. أي إدانة جديدة للسيدات، واستغلال لشهرة قضية نسائية لجذب المتفرجين بين العملين بطريقة واضحة «على المكشوف»... وغيرها الكثير والكثير.
لكني أردتُ العودة لما هو أقدم، بصفتها خطابات عنف تسللت، سواء بمباشرة، أو دون مباشرة، وساهمت في تشكيل أنماط للشخصيات، وما زال هناك إعادة إنتاج لها من جديد. والمثال الأرجح والأخير هو مسلسل «شباب امرأة» الذي تم عرضه في رمضان ٢٠٢٥.
خاتمة
فأحيانًا، في الوقت الحالي، تظهر محاولات للتخلِّي عن خطابات العنف ضد المرأة، ولكن في أحيانٍ أخرى –أكثر عددًا– نُعيد تقديم الأفكار ذاتها، بل ويتم التعامل معها بوصفها تراثًا يُنظر فيه كما هو، بنفس خطاباته وأنماطه.
ولعل أهمية إعادة القراءة تأتي من حاجة ملحَّة –بالأساس– لفهم كيف تشكَّلت وترسَّخت كل هذه السرديات والوجوه داخل الوعي الجمعي للمجتمع. لذا نحتاج دائمًا للنظر فيها بصفتها أعمالًا باقية أثَّرت قديمًا، ولا نزال جميعًا نتحمَّل آثارها حتى اليوم. وبجانب أهمية مدِّ الخط على استقامته، تأتي الحاجة إلى إعادة قراءة كل ما هو جديد من أعمال تُعيد وتُطبِّع مع كافة أشكال العنف ضد المرأة بمختلف وجوهه ومسمياته.