معرفة

حوار| أمين «اتحاد الكتاب»: الثقافة ليست أولوية بمصر

حوا مع المفكر المصري والشاعر علاء عبدالهادي، نقيب كُتّاب مصر والأمين العام لاتحاد الكُتّاب والأدباء العرب

future المفكر المصري والشاعر علاء عبدالهادي، نقيب كُتّاب مصر والأمين العام لاتحاد الكُتّاب والأدباء العرب

من داخل مكتبه بالنقابة العامة لكُتّاب مصر في حي الزمالك، التقت «كروم» المفكر المصري والشاعر المبدع علاء عبدالهادي، نقيب كُتّاب مصر والأمين العام لاتحاد الكُتّاب والأدباء العرب، وأجرت معه حواراً تحدث خلاله عما قدمته النقابة العامة لكُتّاب مصر من دعم للمُبدعين في جميع أنحاء الجمهورية.

في بداية حديثه لـ«كروم»، قال علاء عبدالهادي إن اتحاد الكُتّاب والأدباء العرب يضم خمسة آلاف كاتب وأديب وشاعر وروائي، وهو الهيئة الوحيدة التي تضُم الكُتّاب والأدباء تحت مظلة نقابية عامة تحكم العمل النقابي في مصر، أي إنها محمية بالدستور، ومن هنا جاءت قوة هذه الهيئة في مصر.

وأشار إلى وجود فرق بين الأديب والمُتأدب، موضحاً أن «النقابة العامة لكُتّاب مصر» للأدباء فقط، ومَن ترسخت تجربته على نحو يتميز بتوافر ثلاثة شروط، أولها الإنتاج الكمي المتراكم، وثانيها الإنتاج الكيفي، وثالثها هو الذيوع النقدي، وإن لم تتوافر هذه الشروط الثلاث، فإنه يكون مُتأدباً وليس أديباً، وهنا يستطيع أن يلتحق بالنقابة في عضوية مُنتسبة نمنحها إلى من لم يرتقِ بعد إلى شرف عضوية النقابة العامة لاتحاد كُتّاب مصر.

وإلى نص الحوار:

هل يوجد صعوبة في حصول الأدباء صِغار السن على عضوية النقابة العامة لكُتّاب مصر؟

الأمر لا يرتبط بالصعوبة وإنما بالاستحقاق؛ لأننا إذا سمحنا لأي مُتأدب أو هاوٍ ممن يكتبون، على سبيل المثال، خواطر أو مقالات في تخصصات خارج الفكر والأدب، بأن ينضم إلى الكتابة بوصفها مهنة، ونحن نقابة مهنية لها مواصفات خاصة، سنكون سبباً في ضياع هوية الكاتب والمُفكر والشاعر والمسرحي؛ لذا يجب أن نحافظ على هذه الخصوصية وعلى مصالح الأعضاء.

ما سبب الخلافات بين النقابة ووزارة الثقافة؟

طالبت سابقاً برفع جميع الصلاحيات التي تعطي ولاية لوزارة الثقافة على النقابة، لأن هناك مادتين من الدستور تحظر كل مادة فيهما تَدَخُل الجهات التنفيذية في أعمال النقابات، وعليه يجب أن تكون النقابات مستقلة.

كما أن هناك رؤية في الإدارة بالعالم، في تفكيك مركزية الإدارة، إذ لا يمكن أن تُحَلِق أي ثقافة في أي دولة كبيرة مثل مصر إلا بجناحين؛ الأول المؤسسة الرسمية التي تملك الإمكانيات والمؤسسات لكن لا تملُك البشر، ومؤسسات المجتمع المدني من نقابات واتحادات وجمعيات، وفي هذا التعاون ستكون هناك تعاون بين سُلطة الثقافة وثقافة السُلطة، أما إذا كانت هذه الاتحادات والجمعيات تقع تحت مظلة إدارية لوزارة؛ سيكون التعاون أقل وسيخضع الجميع لأعلى هيئة تنفيذية وهي الوزارة.

ما هي مشكلة الثقافة في مصر؟

الثقافة في كل برامج الأحزاب السياسية في آخر الأولويات بمصر والدول العربية، والمشكلة أنه يُنظَر للثقافة في مصر حتى الآن بوصفها «كتابة الشعر والقصة والرواية»، لكننا نعرف الثقافة بوصفها «التنظيم الاجتماعي للمعنى»، وهذا يرتبط بأنماط الإنتاج وإعادة التفكير والنقد، وهذا يرتبط بسؤال «من نحن؟ وماذا نريد؟» بخاصة في ظل تحديين كبيرين هما العولمة والذكاء الاصطناعي الذي هو أخطر من القنبلة الذرية ويجعل من الصعب علينا تحديد الفرق بين الأصلي والمُزيّف.

كيف ترى المستقبل الفكري في وجود الذكاء الاصطناعي؟

لي كتاب بعنوان «عولمة الثقافة ونقد فكرة الأصل.. الأنا بصفته الآخر»، في غضون شهور قليلة سيحدِث نوعاً من الانقطاع المعرفي. وما قبل الذكاء الاصطناعي سيكون مرحلة، وما بعده مرحلة أخرى.

وما يحدث الآن هو إنشاء فيروسات تجتاح القيم الفكرية كلها للبشر، في طريقة تصور البشر عن نفسه وعن الآخر وعن الأشياء. نحن الآن لا نتعامل مع الأشياء في حياتنا إلا من خلال صورة، نحن أمام تحول جذري في وعي الإنسان عامة في التعامل مع الهوية خاصة، لا سيما وأن هذا الاجتياح لا يرتبط بتقاليدنا الراسخة القوية المحترمة وأخلاقياتنا.

أمام هذه الثورة التكنولوجية والانتحالية، كيف نحافظ على الهوية المصرية؟

طرحت موضوع الهوية مع العالم الجليل فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، وكذا مع البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، ونرى أن هناك توافقاً بيننا في مفهوم الهوية، خصوصاً في ما يرتبط بامتدادها.

أنا كمفكر مصري أرى أن الهوية المصرية لم تكن يوماً سبيكة، إنما نسيج قوي حتى على مستوى الإثنولوجي، والسبيكة تنكسر بأخرى أما النسيج أقوى، فإذا اصطدم بسبيكة يستطيع أن يحتويها ويعيد قذفها مرة أخرى إلى من ألقاها، ومن هنا عظمة الهوية المصرية، حين يعي كل خيط في هذا النسيج مكانه، يُقدِم للعالم أعظم الحضارات، فليس هناك عرق صافٍ يسمى العرق المصري، «نحن خليط من جنسيات مختلفة».

الصحفية رشا منير تحاور نقيب كُتّاب مصر والأمين العام لاتحاد الكُتّاب والأدباء العرب علاء عبدالهادي

بالعودة إلى اتحاد الكتاب في مصر، كيف يدعم الأدباء والمُبدعين؟

استلمت الاتحاد وفي ميزانيته 36 مليون جنيه، والآن تجاوزت 86 مليوناً بالاعتماد على مواردنا الذاتية وحُسن الإدارة المالية وقطع قنوات الفساد في النقابة. كما رفعنا المعاشات من 170 جنيهاً إلى 500 جنيه.

وأنشأنا مشروع الرعاية الصحية، الذي زاد هذا العام إلى 60 ألف جنيه للمُشتَرِك، باشتراك سنوي 1000 جنيه، حيث يحصل على أدوية مجاناً في حدود 250 جنيهاً شهرياً، وبالنسبة للتحاليل الطبية والأشعة يدفع 30%، وبخصوص العمليات الجراحية تتكفل النقابة بكل التكاليف، كما رفعنا مكافأة النشر لمبلغ ثلاثة آلاف جنيه لكل كاتب وليس للناشر.

كما أنشأنا «صندوق الخير» لدعم الكُتّاب في أزماتهم، ويوجد به الآن أكثر من مليون و300 ألف جنيه، نأخذ من ريعها.

أيضاً أنشأنا أول مرة صندوق الرعاية الصحية لدعم المشروع الصحي حتى إذا ارتفعت الأسعار، يكون هناك صندوق خارجي. وأنشأنا صندوقين استراتيجيين للنقابة لا يُمَس أي منهما، وصندوق المعاشات تجاوزت الأموال به خمسة ملايين جنيه.

ماذا عن أنشطة النقابة وندواتها؟

لم يحدث في تاريخ النقابة ما يتم تنظيمه من ندوات الآن. كما أصدرنا لأول مرة ما يُسمى «ميثاق الشرف الأدبي والثقافي حول واجبات الكاتب وحقوقه»، وذلك وفق مواد الدستور. أما بالنسبة للحياة النقابية فطالبنا، بالاتفاق مع رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، بإنشاء عملات تذكارية بقيمة خمسة جنيهات باسم النقابة العامة لاتحاد كُتّاب مصر، وتمت الموافقة عليها بقرار في الجريدة الرسمية؛ تقديراً للاتحاد، كما فتحنا باب القروض دون فوائد تُسَدّد على مدار عامين. كل هذه الأنشطة والمشروعات لم تكن موجودة من قبل.

ماذا عن الإذاعة الرسمية للاتحاد التي سبق وأعلنتم عنها؟

الآن نحن بصدد إنشاء إذاعة الأدب العربي، وفي السادس من أكتوبر المقبل سيبدأ بث هذه الإذاعة على الإنترنت. كما أنشأنا دورية جديدة باسم «الكاتب المصري».

وهناك قرار بإنشاء متحف الأدباء في مقرنا بالقلعة، ليكون متحفاً للثقافة، وهناك لجنة مُشكَلة للعمل على ذلك الآن.

كما أنشأنا أكاديمية الأدب العربي لتعلم قواعد النحو، وتاريخ الأدب العربي والغربي، والبلاغة، والمهارات اللغوية، وورش القصة والسيناريو، وتستمر مدة الدراسة نحو تسعة أشهر، والآن ننتظر اعتماد وزارة التربية والتعليم للمناهج التي ستُدرّس.

أيضاً حصلنا على موافقة من مساعد وزير الداخلية لقطاع الأحوال المدنية بكتابة مهنة كاتب أو روائي أو شاعر في جواز السفر أو البطاقة الشخصية؛ تقديراً لمهنة الكتابة، وهو في رأيي إنجاز كبير.

بالنسبة للنقابات الفرعية، كيف تُدعم عملية التنوير؟

أضفنا أربع نقابات فرعية جديدة في بنها والإسماعيلية والمنوفية، لم تكن موجودة من قبل، ليصبح لدينا الآن 11 نقابة فرعية تُقِيم أسبوعياً ثماني ندوات في مجالات مختلفة، كالفكر والثقافة والحضارة وغيرها.

ماذا عن اتحاد كُتّاب العرب؟

توجد خلافات عديدة بين اتحادات الكُتّاب العربية، وذلك بدعاوى أسهمت في تقسيم المقسم، وفوجئنا بأن هناك ما يسمى «تشكيل المشرق العربي» استُبعِد فيها (مصر، والسودان، واليمن)، تشكيل تم دون علم الأمين العام، وهو تصرف غريب وغير مفهوم يحدث دون علم النقابة، وربما يكون هذا انعكاساً طبيعياً لحالة التشرذم العربي.

ما تقييمك لمعرض القاهرة الدولي للكتاب؟

من رأيي لا يوجد معرض كتاب في كل الدول العربية دون مشاركة فاعلة لاتحاد كُتّاب هذه الدولة. النشاط الثقافي في أي دولة مثل الأردن وتونس يتم بالكامل من خلال اتحاد الكُتّاب، أما في مصر تستبعد وزارة الثقافة المصرية أي دور أو إسهام لنقابة كُتّاب مصر في المعرض؛ لذا أنا لست راضياً عن هذا الإجحاف وعن تكليف موظفين بذلك، حيث يتم تناسي النخبة من المثقفين والمفكرين الذين يمثلون عبر انتخابات صحيحة وديمقراطية.

ما هو أساس الخلاف بين وزارة الثقافة ونقابة الكُتّاب؟

لا أعلم أساس الخلاف بين وزارة الثقافة المصرية والنقابة، غير أنه يحدث من أصحاب المصالح ومن خلال الموظفين الصغار، وتحدثت إلى وزيرة الثقافة السابقة ولكنها لم تتحرك، وأملي في الوزير الحالي، وأظنه سيكون بفكر جديد وسيغير من الأوضاع السيئة في وزارة الثقافة ومن المرحلة المستمرة من تدوير الفشل التاريخي، فالسياسات الثقافية المستمرة لم تعد ناجحة الآن، ولم تنظر إلى التحديات القائمة التي أشرت إليها في حديثي حول الثقافة العربية عامة، والمصرية خاصة، فأنا أرى أن الثقافة المصرية تقود العالم حضارياً بمفكرين وليس بموظفين.

هل هناك محاذير تضعها النقابة العامة أمام الكُتّاب؟

لا توجد محاذير تضعها النقابة على الكُتّاب، إنما هناك محاذير وضعتها الدولة على الكتابة تلتزم بها النقابة بوصفها مؤسسة عامة؛ لأن أموالنا أموال عامة بحكم القانون. مثلاً لا يمكن أن أنشر بأموال عامة كتاباً يُسَب فيه الخالق أو الرسل أو الأنبياء، أو كتب جنسية أو كتب بلغة الشارع، ليس لأننا ضد حرية الفكر، لكن «افعل ذلك خارج النقابة».

كما لا أسمح بنشر كتاب يسيء للمؤسسات العسكرية، ولا نقبل عضوية من يكتب مثل هذه الكتابات.

هل سبق وشُطبت عضوية كاتب من النقابة؟

في تاريخ النقابة لم يتجاوز عدد من شُطبوا من العضوية أصابع اليد الواحدة، وكان ذلك وفقاً لمخالفات هائلة حددها القانون في المادة (63) أو بسبب حكم قضائي أو تقديم أوراق مزيفة، وهو عدد لا يذكر مقارنة بباقي النقابات المهنية.

ما هي الدولة التي تصفها بدولة المثقفين، وكيف تُقَيّم المستوى الثقافي للدول العربية؟

مصر في المقدمة، ويأتي بعدها مجموعة من الدول العربية مثل الكويت والعراق. كلنا نحب العراق وثقافته المتنوعة، والفن التشكيلي العراقي ولغته، لغة الحب، نحن نقدرها في اتحاد كُتّاب مصر على نحو خاص.

أيضاً لا ننسى الثقافة المغربية والليبية واليمنية والرواية السعودية الجديدة والناقد السعودي الجديد، خصوصاً من أكمل دراسته في الخارج. كذا ثقافة الكويت وأعمالها الأدبية المتراكمة التي أثرت في تكوين الفكر العربي، وثقافة البحرين خصوصاً في الشعر والرواية، وفلسطين المناضلة وثقافتها الحرة، وموريتانيا والاهتمام بنشر اللغة في أفريقيا، منظومة كبيرة ورائعة في تاريخ الثقافة العربية، لكن نحتاج إلى لُحمة عربية واحدة.

# أدب # الثقافة المصرية # مصر

فيلم «المخدوعون»: فلسطين في مواجهة الرجال والشمس
بسبب التنافس على السلطة: أشهر قصائد المعارضة عند العرب
أقاموا بالقاهرة ورفعوا علمهم بالإسكندرية: الصليبيون في مصر

معرفة