لا يمكن فهم ما جرى أمس وتصريحات "الاحتواء" الدبلوماسي المتكررة من كافة الأطراف بما فيها تلك الإسرائيلية والأمريكية وليس الإيرانية فقط دون النظر إلى وضع إيران "كدولة برجماتية" تناور النظام الدولي دون أن تسعى إلى تقويض أسسه تماما:
1- استفادت إيران من أن إسرائيل اعتدت على "سفارة دولة" عضو في الأمم المتحدة ويتمتع قادتها الدبلوماسيين بحرية الحركة في أوروبا والأمم المتحدة ولديهم تعليم عال يمكنهم من مخاطبة العالم والمجادلة وفق الاتفاقيات الدولية.
أقول استفادت لأن في جميع مداخلاتي التحليلية قلت باقتناعي بأن نأي الولايات المتحدة بالنفس عن الهجوم الإسرائيلي ليس خدعة لكنه نابع من عدم تنسيق إسرائيلي مع أمريكا ولذلك أول ما أكده بايدن مع نيتنياهو أنه على الرغم أن أمريكا ستدافع عن إسرائيل لكنها لن تشارك أو تدعم حربا ضد إيران.
2- وذهبت أيضا أن إيران لابد أن ترد "كدولة" تم الاعتداء على "أراضيها" وأي رد آخر سيؤسس لقدر من الاستباحة أعلى ويعطي هيبة أكبر لإسرائيل أعلى من إيران ويخصم من رصديها لدى أنصارها بما لا يمكن رأبه بسهولة.
لذلك حرصت إيران ألا تصعد لكن يكون عبر رد غير مسبوق لكنه غير مكلف وهو ما أكده وزير الخارجية والذي أكد ما قلته أمس، بأنه لا يوجد "قتلى" ولا أهداف مدنية ولا اقتصادية.
لذلك لعب الولايات المتحدة وحلفاءها دور "دفاعي" بسبب "تفهمها" لحجم الجريمة الدبلوماسية التي أقدمت عليها إسرائيل. وهو ما أقنع الجميع للذهاب للتلاسن الدبلوماسي بدلا من أي تصعيد عسكري سريع أو قوي.
3- كل اجتماعات دول السبعة الكبار أو اجتماعات مجلس الأمن هي أمر هامشي، لأن روسيا تبرر الضربة الإيرانية والصين لم تدنها رسميا ودعت لضبط النفس.
كلا الطرفين سيسعى لتعظيم مكاسبه "كدولة" لديها "حلفاء" في النظام الدولي. لا شيء يتعلق بال.مق،،ا..وم..ة أو ب..غ..ز/ة.
4- إيران برجماتية بقدر الولايات المتحدة الأمريكية وكلاهما لديهما دبلوماسيين لديهم تعليم وتراكم خبرة جيد. نعم يكمن أن تكون بلطجي أو طائفي أو شرير، لكن حينما تكون ذلك وأنت متعلم وتحترم تراكم الخبرات، سيجعل هذا من أكثر برجماتية وأكثر قدرة على التصرف وفق مصالحك المباشرة وأنت ترى الصورة بشكل أكثر واقعية.
5- مرة أخرى ما جرى ليس تمثيلية ولكن أيضا غير مسبوق، لكنه مازال يجري تحت سقف النظام الدولي ولم يحدث أي اختراق كبير.
** كان هناك تصعيد بغرض الاختراق لكنه تم ضبطه وحدث توافق "غير مكتوب" عبر ضربة "احتوائية - قوية" مقارنة بالخبرات السابقة، ضربة تعيد الكرة لملعب الدبلوماسية والتموضع القائم على التحالفات الدولية. وترك ساحة القتال للقوى التي تعد "وكيلا" أو ما دون "الدولة".