تفشل 90% من الشركات الناشئة. هذه إحصائية يعرفها روّاد الأعمال ويحفظونها عن ظهر قلب، ويعملون بجد لكي تكون شركاتهم ضمن الـ10% المتبقية، ويبحثون دائمًا عن المؤسسات القادرة على مساعدتهم في الرحلة. لذلك توجد العديد من المؤسسات المتخصصة التي تقدم هذا الدعم بصوره المختلفة. في مقدمتها تأتي: حواضن الأعمال - مسرعات الأعمال - استوديوهات الشركات الناشئة.
فإذا قررت اللجوء إلى هذه المؤسسات بحثًا عن الدعم في الرحلة، سيبقى السؤال الأهم لتطرحه على نفسك: ما الأنسب لشركتك الناشئة؟ وللإجابة على السؤال، سنعقد مقارنة شاملة بين المؤسسات الثلاثة لفهم طبيعة عملها والدور الذي تلعبه في دعم الشركات الناشئة.
الحواضن
تركّز حواضن الأعمال على دعم الشركات الناشئة في مراحلها المبكرة، وتوفر لها الفرصة لاختبار وتطوير الأفكار، وتساعدها على الدخول إلى السوق. كما توفّر لها الموارد الأساسية التي قد تحتاج إليها، مثل المساحات المكتبية والتوجيه والإرشاد، وتقدم لها المعرفة الأساسية التي تمكنها من فهم عالم الشركات الناشئة.
المسرعات
تركّز المسرعات على دعم الشركات الناشئة التي تملك عملًا ناجحًا بالفعل وتحتاج لتسريع نموها في السوق، وتقدم لها برامج مكثفة هدفها توسيع نطاق عملها، بالإضافة لتجهيزها للحصول على الاستثمارات وتطوير عرضها الاستثماري Pitch Deck، وتوفير فرص المشاركة في يوم العرض التجريبي Demo Day.
الاستوديوهات
تركّز الاستوديوهات على نموذجي تشغيل، إمّا إنشاء الشركات داخل الاستوديو بالكامل من الألف إلى الياء، أو استقطاب مجموعة من الشركات الخارجية والتعاون معها من المرحلة الحالية للشركة، حتى الوصول إلى مرحلة التخارج، فهنا لا يقتصر عمل الاستوديو على برنامج لمرة واحدة، فهو يساهم في العمليات اليومية للشركة، ويمكن النظر إليه على أنّه أحد الشركاء في الشركة.
الحواضن
تعتمد الحواضن على برامج متخصصة تتقدم إليها الشركات الناشئة، ويتم تقييم الفكرة وفريق العمل كمعيار أساسي للقبول. عادةً لا تتدخل الحاضنة في منهجية إدارة الشركة بصورة مباشرة، لكنها توفّر لها الإرشاد والتوجيه عبر الخبراء بهدف تمكين الشركة من الدخول إلى السوق وبدء أعمالها.
المسرعات
تعتمد المسرعات على برامج متخصصة أيضًا، لكن معايير القبول تكون أصعب، فهنا تبحث المسرعة عن شركات ناجحة في السوق ولديها فرص للنمو، ثم تتعاون معها لتسريع نموها. عادةً لا تتدخل المسرعة في منهجية إدارة الشركة بصورة مباشرة، لكنها توفّر لها الإرشاد والتوجيه عبر الخبراء بهدف مساعدة الشركة على تسريع عملها والوصول إلى التمويل.
الاستوديوهات
تعتمد منهجية عمل الاستوديوهات على تقديم الدعم المتكامل للشركة الناشئة، والتعاون معها في جميع المراحل بدءًا من الإطلاق وحتى التخارج، وكثيرًا ما تستقطب الاستوديوهات شركات ناشئة يملك أصحابها الفكرة لكن دون فريق أو موارد للتنفيذ. لذلك عادةً يتدخل الاستوديو في منهجية إدارة الشركة بصورة مباشرة، ويوظّف موارده لصالح مساعدة الشركة الناشئة في عملها، ويستقطب لها الفريق القادر على تنفيذها.
الحواضن
يمكن أن يمتد برنامج الاحتضان لفترة من 6-12 شهرًا، ويمكن أن يزيد عن السنة بالقدر الذي يتيح للشركة الناشئة تطوير منتجها ونموذج عملها لتكون جاهزة للدخول إلى السوق.
المسرعات
يمكن أن يمتد برنامج التسريع لفترة من 3-6 أشهر، وتكون الصفة الأساسية لبرامج التسريع هي أنّها قصيرة المدى ومكثّفة لتساعد الشركة على تحقيق النمو في فترة قليلة.
الاستوديوهات
توجد مرونة في الفترة التي يمكن أن تقضيها الشركة داخل الاستوديو، وذلك حسب احتياج كل شركة، لكن غالبًا ما تمتد لعدة سنوات.
الحواضن
عادةً لا تقدم الحواضن تمويلًا للشركات الناشئة، وإذا قدمت أموالًا فهي تكون منح للشركات الناشئة، فلا تحصل على حصص ملكية في الشركة في المقابل.
المسرعات
عادةً تحصل المسرعات على حصص ملكية في الشركة مقابل تمويلها بمبلغ معين، وتختلف المسرعات فيما بينها، فبعضها تتبع نموذجًا ثابتًا من البداية، وتقدم التمويل ذاته لجميع الشركات المنضمة للمسرعة في مقابل نسبة معلومة مسبقًا من حصص الملكية.
وبعضها تتبع نموذجًا مخصصًا، حيث تتفاوض المسرعة مع كل شركة بما يلائمها، فتعرض عليها تمويلًا بقيمة لا تتشابه بالضرورة مع بقية الشركات، وتقترح نسبة حصص الملكية المطلوبة في المقابل، ويتم التفاوض بين المسرعة والشركة للاتفاق.
الاستوديوهات
تحصل الاستوديوهات على حصص ملكية في الشركة، ويعتمد ذلك على نموذج التشغيل الذي يستخدمه الاستوديو، وطبيعة الخدمات التي يقدمها للشركة الناشئة، كما تستثمر بعض الاستوديوهات مبلغًا من المال في الشركة، بجانب مساعدتها في جذب الاستثمارات.
بالطبع كلما زاد مبلغ التمويل الذي يعرضه الاستوديو، أو زادت الخدمات التي يمكنه تقديمها إلى الشركة الناشئة، تزداد حصص الملكية التي يحصل عليها في الشركة الناشئة في المقابل، ويتم التفاوض بين الاستوديو والشركة للاتفاق.
الحواضن
تعلن الحاضنة عن استقبال الشركات الناشئة في برنامج احتضان متخصص تنفذه وتشارك تفاصيله كاملة غالبًا على موقعها الإلكتروني، أو عبر صفحاتها في مواقع التواصل الاجتماعي. تتقدم الشركات الناشئة إلى البرنامج وتخوض مراحل التقديم المختلفة حتى القبول والانضمام إلى الحاضنة.
المسرعات
تعلن المسرعة عن استقبال الشركات الناشئة في برنامج تسريع متخصص تنفذه وتشارك تفاصيله كاملة غالبًا على موقعها الإلكتروني، أو عبر صفحاتها في مواقع التواصل الاجتماعي. تتقدم الشركات الناشئة إلى البرنامج وتخوض مراحل التقديم المختلفة حتى القبول والانضمام إلى المسرعة.
الاستوديوهات
لا تعتمد الاستوديوهات على برامج للتقديم غالبًا، ويكون الانضمام إليها بالتواصل المباشر مع الاستوديو. يمكن للشركات الناشئة الاطّلاع على الموقع الإلكتروني للاستوديو وصفحاته على مواقع التواصل الاجتماعي، لمعرفة كيفية الانضمام والمتطلبات ونماذج التشغيل وغيرها، ثم التواصل مع الاستوديو من أجل الانضمام والاتفاق على التفاصيل.
الحواضن
تناسبك الحواضن عندما يكون لديك فكرة وتحتاج إلى مساعدة في كيفية تنفيذها والدخول إلى السوق، إلى جانب احتياجك للموارد المشتركة التي توفرها الحاضنة، فهذا يكون أكثر فاعلية لك على مستوى التكلفة وسرعة إنجاز العمل. ستحتاج أيضًا إلى المشاركة في البرنامج والتواجد في المواعيد المحددة له، مع ميزة مهمة في الحواضن أنّ برامجها مرنة ولفترات أطول.
المسرعات
تناسبك المسرعات عندما يكون لديك شركة ناجحة في السوق فعلًا، وفريق قوي يقف وراء تنفيذها، لكنك تحتاج إلى الإرشاد والتوجيه لتحقيق النمو السريع والوصول إلى التمويل. يجب أن يكون لديك الاستعداد للمشاركة في برنامج التسريع المكثف ولفترة قصيرة ومركزة، فهذا يتطلب وجودك باستمرار خلال هذه الفترة.
الاستوديوهات
تناسبك الاستوديوهات عندما تكون لديك فكرة قوية، وتحتاج إلى فريق مؤسس وموارد لتنفيذها، أو تحتاج لخدمات محددة تدرك وجودها لدى استوديو شركات ناشئة معين. يجب أن يكون لديك الاستعداد والقبول لحصول الاستوديو على نسبة من حصص الملكية والتدخل في كيفية إدارة الشركة والعمليات اليومية.
جدول مقارنة بين الحواضن والمسرعات والستوديوهات
الانضمام لأحد هذه المؤسسات خطوة مهمة لشركتك بالتأكيد، لكن بالطبع لا يعني ذلك أنّ جميع التجارب ستكون جيدة. لذا، تمهّل في القرار وادرسه بعناية وطبّق هذه النصائح الأربعة:
1. اختر ما يتوافق مع رؤيتك وقيمك دائمًا
ضع رؤية وشركتك وقيمها أولوية دائمًا عند اختيار أي مصدر للدعم، لأنّ توافق الرؤئ يعزز فرص النجاح والاستدامة في المستقبل، والعكس يمكن أن يسبب مشكلة، لا سيّما عندما يكون اختيارك سيدوم لفترة طويلة من الوقت كما هو الحال مع الاستوديوهات.
2. فكّر في الحاضر والمستقبل
لا تفكر في حاضرك فقط، بل فكر أيضًا فيما سيأتي لاحقًا في المستقبل، وقدرتك على التعامل معه. مثلًا في بداية شركتك سيكون أمامك خيار اللجوء إلى حاضنة أو استوديو، وكل مؤسسة ستقدم لك نفعًا لتنفيذ فكرتك.
ماذا ستختار؟ ضع في الحسبان دراسة احتياجاتك حاليًا وخططك المستقبلية. فمثلًا إذا لم تكن لديك الرغبة في التدخل المباشر لإدارة شركتك، فهنا لن يكون الاستوديو خيارًا مناسبًا، حتى لو كانت فوائده في الحاضر أكبر.
3. قيّم المميزات والعيوب معًا
كل خيار يبدو الأفضل عندما تنظر إلى مميزاته فقط، وكل خيار يبدو الأسوأ إذا نظرت إلى عيوبه وحدها، والصواب هو تقييم كليهما معًا، واستيعاب أثرهما عليك وعلى شركتك الناشئة. فأنت عندما تقرر الاختيار المناسب ستحصل على الاثنين، ستستفيد بالمميزات وقد تعاني من العيوب، حتى إذا قررت تجاهل هذه الحقيقة وركزت فقط على المميزات، ستظل العيوب موجودة.
4. اسأل مجرّب واسأل طبيب
كل مؤسسة من الثلاثة ستروج لعملها على أنّه الأفضل مهما اختلفت الأسماء، ودورك هو ألّا تكتفِ أبدًا بما تسمعه منها، بل ابحث جيدًا في المسألة. تتبع معدلات نجاحها والشركات التي خرجت منها، وتحدث مع أصحاب هذه الشركات لمعرفة تجربتهم كاملة.
كذلك اسأل أهل الخبرة والتخصص في الشركات الناشئة ولديهم معرفة جيدة بالنظام البيئي Ecosystem لريادة الأعمال، وناقشهم في الفرصة المتاحة لأخذ الرأي والمشورة منهم. بهذا تكن لديك رؤئ من المجربين والخبراء معًا.
ختامًا، وجود فرصة لدعم شركتك أمر جيد بالتأكيد، لكن لا تتسرع في قرار قبولها، وادرس جميع التفاصيل جيدًا وافهم كيف يمكن لشركتك تحقيق الاستفادة منها، وفي الوقت ذاته ضع في حسبانك ما سيحصده الطرف الآخر، لتنشئ بينكما علاقة رابحة للطرفين.