لا شك أن المشهد السينمائي العربي يشهد ازدهاراً فنياً معتبراً على مدار السنوات القليلة الماضية إذ تعلن الأفلام العربية عن نفسها من خلال المشاركة المنتظمة في المسابقات الرسمية لكبرى المهرجانات العالمية جنباً إلى جنب مع أهم الإنتاجات السينمائية العالمية. ما بين الثلاثة الكبار؛ كان وبرلين وفينيسيا، وغيرها من أهم وأكبر المهرجانات مثل مهرجان الفيلم الوثائقي بأمستردام، ومهرجان لندن السينمائي، وحتى في مهرجانات الأفلام القصيرة وعلى رأسها كليرمون فيران الفرنسي، تحجز الأفلام العربية موقعها دائماً ضمن تشكيلة من أفضل الأفلام على مستوى العالم.
في هذا التقرير نرصد 10 من أهم الأفلام العربية التي شهدت عروضها العالمية الأولى في هذه المحافل الكبرى، واستطاعت في كثير من الأحيان أن تقتنص أكبر وأهم الجوائز من لجان تحكيمها المرموقة.
فيلم «لا أرض أخرى» وثائقي فلسطيني من إخراج أربعة مخرجين اثنين فلسطينيين هما باسل عدرا وحمدان بلال، واثنين إسرائيليين هما يوفال أبراهام وراشيل سزور. شهد الفيلم عرضه العالمي الأول في قسم بانوراما بمهرجان برلين السينمائي، إذ فاز بجائزة أفضل وثائقي في المهرجان، إضافة إلى جائزة الجمهور.
باسل عدرا هو ناشط فلسطيني شاب من مسافر يطا في الضفة الغربية. يوثق باسل عمليات الإبادة البطيئة التي تطال القرى في منطقته، إذ يقوم جنود جيش الاحتلال الإسرائيلي بهدم المنازل تدريجياً وطرد سكانها. في مرحلة ما يلتقي باسل بيوفال، وهو صحفي إسرائيلي يدعمه في جهوده. ينشأ تحالف غير متوقع، لكن العلاقة بين الاثنين متوترة بسبب التفاوت الهائل بينهما؛ يعيش باسل تحت الاحتلال العسكري بينما يعيش يوفال بحرية ودون قيود.
حقق الفيلم دورة ناجحة للغاية في كبرى المهرجانات العالمية فاز خلالها بأكثر من 40 جائزة، من بينها مهرجان أمستردام الدولي للأفلام الوثائقية، ومهرجان كوبنهاجن للأفلام الوثائقية، ومهرجان فيزيون دو ريل السينمائي الدولي، ومهرجان شفيلد الدولي للأفلام الوثائقية، وهي من أكبر وأهم مهرجانات الأفلام الوثائقية في العالم.
وثائقي مصري من إخراج ندى رياض وأيمن الأمير حقق إنجازاً تاريخياً هذا العام بفوزه بجائزة أفضل فيلم وثائقي من مهرجان كان السينمائي مناصفة مع الفيلم الأمريكي Ernest Cole: Lost and Found، إذ شهد الفيلم عرضه العالمي الأول في مسابقة أسبوع النقاد. حقق مشروع الفيلم نجاحاً لافتاً بفوزه بعدد كبير من الجوائز والمنح الإنتاجية من مختلف منصات دعم الأفلام العربية والعالمية من بينها منحة معهد الدوحة للفيلم، وصندوق البحر الأحمر السينمائي، ومنحة آفاق، وعلى المستوى العالمي فاز بمنح من صندوق مهرجان إدفا، وصندوق مهرجان هوت دوكس، إضافة إلى منحة المركز الوطني للسينما والصورة المتحركة بفرنسا.
يوثق الفيلم حياة مجموعة من الفتيات في قرية البرشا بمحافظة المنيا في صعيد مصر يتحدين الأعراف المجتمعية ويقمن بأداء العروض المسرحية في الشارع. يتابع الفيلم هؤلاء الفتيات على مدار أربع سنوات ويرصد سعيهن لتحقيق أحلامهن المختلفة وكيف تحولت شخصياتهن خلال هذه الفترة.
ندى رياض وأيمن الأمير زوجان وشريكان فنيان أيضاً إذ يقومان بإخراج وإنتاج الأفلام السينمائية معاً. شارك فيلمهما القصير «الفخ» في مسابقة أسبوع النقاد في مهرجان كان عام 2019 ثم عرض في عدد من أبرز المهرجانات السينمائية.
شهد فيلم «قمر» للمخرجة العراقية كوردوين أيوب عرضه العالمي الأول في المسابقة الرسمية لمهرجان لوكارنو السينمائي، إذ فاز بثلاث جوائز هي جائزة لجنة التحكيم الخاصة، وجائزةEuropa Cinemas Label، وتنويه خاصة من لجنة تحكيم جائزة Ecumenical Prize.
تدور أحداث الفيلم في إطار من التشويق والإثارة حول سارة بطلة فنون القتال المختلط في النمسا، التي تذهب إلى الأردن لتدريب ثلاث فتيات مراهقات ينتمين لعائلة ثرية وهناك تكتشف أن الفتيات لا يرغبن في التدريب، كما أنهن يعانين من التضييق في كل نواحي حياتهن، فتقرر سارة اقتحام حياة هذه الأسرة والتعرف على أسرارها الغامضة.
كوردوين أيوب مخرجة عراقية ولدت في العراق ومقيمة حالياً في فيينا. عرض فيلمها الروائي الأول «صان» في مهرجان برلين السينمائي عام 2022، وفاز بجائزة أفضل فيلم في قسم «المواجهة».
فيلم المخرج الفلسطيني المرشح لجائزة البافتا البريطانية مهدي فليفل، الذي انطلق من الدورة 77 لمهرجان كان السينمائي، إذ شهد عرضه العالمي الأول في قسم نصف شهر المخرجين. فاز الفيلم بأكثر من 17 جائزة من مهرجانات عالمية وعربية من بينها جائزتا الجمهور وأفضل ممثل من مهرجان سالونيك السينمائي، كما شارك الفيلم في مهرجانات مرموقة مثل لندن، وسان سيباستيان، وتورنتو.
تدور أحداث الفيلم حول «شاتيلا» و«رضا» قريبان فلسطينيان هربا من مخيم للاجئين في لبنان إلى أثينا بهدف العبور إلى ألمانيا، ولكنهما وجدا نفسيهما في عالم موحش يعيشان على النصب والسرقات الصغيرة.
فيلم المخرج الصومالي مو هاراوي الذي شهد عرضه العالمي الأول بقسم نظرة ما في الدورة -77 من مهرجان كان السينمائي وأعقبه بعروض ناجحة في عدد من المهرجانات الدولية من بينها تورونتو السينمائي الدولي، وديربان السينمائي الدولي، وملبورن السينمائي الدولي، وكان آخرها مشاركته في المسابقة الرسمية للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش إذ فاز الفيلم بجائزة لجنة التحكيم.
تدور أحداث الفيلم حول مامار جاد الذي يعيش في قرية صومالية تقع في منطقة صحراوية تجتاحها الرياح وتحت التهديد المستمر لضربات الطائرات من دون طيار. في وسط هذه الظروف الصعبة يحاول مامار جاد دعم أسرته وابنه الموهوب لتحقيق أحلامه وأحلام الأسرة.
مو هراوي هو مخرج صومالي من مواليد مقديشو، وهو أحد خريجي برنامج مواهب برلين. قدم عدداً من الأفلام القصيرة من بينها فيلم هل سيأتي والديّ ليروني الذي شهد عرضه العالمي الأول في مهرجان برلين السينمائي، وفاز بالجائزة الكبرى في مهرجان كليرمون فيران الدولي للفيلم القصير. كما يشارك في صناعة الفيلم مدير التصوير المصري مصطفى الكاشف الذي تلقى كثيراً من الإشادات على إنجازه الفني في هذا الفيلم.
شهد الفيلم الفلسطيني «ينعاد عليكو» للمخرج إسكندر قبطي عرضه العالمي الأول في قسم أوريزونتي أو آفاق بمهرجان فينيسيا السينمائي الدولي إذ فاز بجائزة أفضل سيناريو، ثم شارك في المسابقة الدولية لمهرجان سالونيك، التي فاز فيها بجائزة الإسكندر الذهبي أفضل فيلم، وقالت لجنة التحكيم في حيثيات الجائزة، «لنسجه المعقد لسرديات ووجهات نظر مختلفة تكشف عن تعقيدات الديناميكات الوطنية والجنسانية والطبقية التي يمكن أن تقسم المجتمعات». واقتنص الفيلم أحدث جوائزه قبل أيام قليلة بفوزه بجائزة النجمة الذهبية، وهي الجائزة الكبرى في المهرجان الدولي للفيلم بمراكش.
يحكي الفيلم أربع قصص متشابكة تروى أحداث الواقع المأساوي لشخصيات مختلفة تعيش في حيفا في الوقت الحاضر. إسكندر قبطي هو مخرج وفنان تشكيلي فلسطيني من يافا حصل فيلمه الطويل الأول «عجمي» (2009) على تنويه خاص في مهرجان كان، وفاز بجائزة الإسكندر الذهبي من مهرجان سالونيك، كما رشح لجائزة الأوسكار لأفضل فيلم أجنبي.
شهد فيلم «موندوف» للمخرج اللبناني الشاب كريم قاسم عرضه العالمي الأول في مهرجان فالنسيا السينمائي الدولي، إذ فاز بجائزة لجنة التحكيم وجائزة أفضل تصوير سينمائي، قبل أن يشهد عرضه الأول في العالم العربي في المسابقة الرسمية لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته الـ45.
تدور أحداث الفيلم الذي يمزج في تناوله بين الوثائقي والروائي، حول حياة وتفاعلات مجموعة من سكان قرية غريفة بمحافظة جبل لبنان. تعاني القرية من نقص شديد في المياه، ما يمس حياة كل سكانها، بينما يقوم بعض الشخصيات بالتحضير لعرض مسرحي على إحدى المسارح المحلية بعنوان «فراق».
موندوف هو الفيلم الرابع في مسيرة مخرجه الشاب بعد ثلاثة أفلام وثائقية شاركت في كبرى المهرجانات العالمية وفازت بالجوائز المرموقة وعلى رأسها جائزة أفضل فيلم من مهرجان الفيلم الوثائقي بأمستردام «إدفا» عن فيلمه الثاني أخطبوط، الذي يوثق لحادثة انفجار مرفأ بيروت التي وقعت عام 2020.
شهد الفيلم الوثائقي «أبو زعبل 89» من إخراج المصري بسام مرتضى عرضه العالمي الأول في مهرجان الفيلم الوثائقي بأمستردام «إدفا» بالتزامن مع عرضه في مسابقة أسبوع النقاد الدولية بالدورة 45 من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي. شهد الفيلم إقبالاً جماهيرياً واسعاً في ثلاثة عروض كاملة العدد كما فاز بجائزتين من مهرجان القاهرة هما جائزة أفضل فيلم وثائقي طويل، وجائزة أسبوع النقاد الدولية.
يستعيد المخرج في «أبو زعبل 89» رحلته مع والدته إلى سجن أبو زعبل لزيارة والده الذي اعتقل على خلفية نشاطه العمالي في القضية المعروفة باسم قضية عمال الحديد والصلب. ويشارك في الفيلم الفنان سيد رجب الذي كان أحد زملاء الأب في سجن أبو زعبل.
بسام مرتضى مخرج ومنتج مصري، وهو المؤسس المشارك لشركة «سي ميديا برودكشن»، درس السينما بمدرسة الجيزويت في القاهرة. شهد أول أفلامه الوثائقية «الثورة خبر» عرضه الأول بمهرجان برلين السينمائي عام 2012، إضافة إلى عدة مهرجانات دولية أخرى.
شهد فيلم «ماء العين» للمخرجة التونسية المرشحة للأوسكار مريم جعبر، عرضه العالمي الأول في مهرجان برلين السينمائي الدولي، إذ كان الفيلم العربي الوحيد المشارك في المسابقة الرسمية للمهرجان، كما شارك بعد ذلك في عدد من المهرجانات الدولية من بينها مهرجان لندن السينمائي. كان مشروع الفيلم قد حصل على عدد من الجوائز والمنح التمويلية من منصات الدعم العربية والدولية من بينها منحة آفاق مرتين عام 2019 و2023، ومنحة معهد الدوحة للفيلم، كما حصل على منحة المركز الوطني للسينما والصورة المتحركة بفرنسا في عامي 2019 و2024، من بين جوائز ومنح أخرى.
تدور أحداث الفيلم في قرية نائية حول أسرة صغيرة مكونة من الأب والأم وثلاثة أبناء يرحل اثنان منهم للانضمام إلى تنظيم داعش، ثم يعود أحدهما بعد فترة برفقة زوجته الحامل، لتنقلب حياة القرية بأكملها على خلفية عدد من الظواهر غير الطبيعية. الفيلم هو تطوير لفيلم جعبر القصير «إخوان» والذي رشحت عنه لجائزة الأوسكار لأفضل فيلم قصير. مريم جعبر كاتبة ومخرجة تونسية مقيمة في مونتريال، كندا. عرضت أفلامها القصيرة في عدد من المهرجانات الدولية، وفازت بأكثر من 70 جائزة دولية.
في استثناء مستحق نورد في هذه القائمة واحداً من أهم الأفلام العربية القصيرة التي شهدها عام 2024، فيلم «ما بعد» للمخرجة الفلسطينية مها حاج. شهد الفيلم عرضه العالمي الأول بالمسابقة الرسمية للأفلام القصيرة بمهرجان لوكارنو السينمائي الدولي، إذ فاز بجائزة لجنة التحكيم لأفضل فيلم قصير وجائزة لجنة تحكيم أفلام الشباب المستقلة، التي أعقبها عدد من الجوائز كان أحدثها جائزة نجمة الجونة الذهبية لأفضل فيلم قصير في الدورة السابعة من مهرجان الجونة السينمائي.
تدور أحداث الفيلم حول زوجين يعيشان في مزرعة منعزلة يهتمون بالأشجار ويعيشون أيامهما في روتين رتيب قبل أن يزورهما عابر سبيل ويكتشف حقيقة مروعة عن أبنائهما الخمسة. والفيلم من بطولة الممثل والمخرج الفلسطيني الكبير محمد بكري.
مها حاج هي مخرجة فلسطينية من مواليد الناصرة، عملت مصممة فنية في فيلم الزمن الباقي مع المخرج الفلسطيني الكبير إيليا سليمان، وفيلم الصدمة مع المخرج اللبانين زياد دويري. عرض فيلمها الروائي الطويل الأول «أمور شخصية» في قسم نظرة ما بمهرجان كان، وفاز فيلمها الثاني حمى البحر المتوسط بجائزة أفضل سيناريو من مهرجان كان السينمائي الدولي.