أحد أهم أسباب نجاح هشام ماجد، إن لم يكن السبب الأهم، هو أنه تخلص بسرعة وفي فترة مبكرة للغاية من أداء شخصية الساذج والأبله. الشخص الطيب «اللي على نياته» الذي يعيش في عالمه الخاص المفارق للواقع. الشخص عديم الخبرة الذي يتورط رغمًا أو بدافع من حسن نيته في المشاكل والأزمات ويخرج منها كذلك ببراءته وسذاجته وحسن نيته.
تعد هذه الشخصية من أعجب ظواهر الكوميديا المصرية، وإذا ما ألقينا نظرة سريعة على الرحلة الفنية لنجوم الكوميديا المصرية في العقود الثلاثة الأخيرة منذ نهاية التسعينيات وحتى منتصف العقد الثالث من القرن الحادي والعشرين، سنجد أن جميعهم بلا استثناء اعتمدوا في مراحل مختلفة من مسيرتهم على تقديم وإعادة تقديم وإعادة إعادة تقديم شخصية الساذج، بل إن بعضهم سقط في هذه الحفرة العميقة ولم يستطع الخروج منها، وإن لم تخمد عزيمته أو تنتهي محاولاته الفاشلة للخروج منها.
أحمد حلمي من مشهد في فيلم «الناظر»
جاءت البداية الحقيقية لمسيرة أحمد حلمي من خلال شخصية عاطف التي لعبها في الفيلم الأيقوني «الناظر» عام 2000 ثم كررها في العام التالي مباشرة بأشكال مختلفة في أعمال لعب فيها الدور الثاني أو المشارك في البطولة مثل «رحلة حب» مع محمد فؤاد، ومسرحية «حكيم عيون» مع النجم الراحل علاء ولي الدين، و«55 إسعاف» الذي شارك في بطولته مع محمد سعد. بعد عامين انطلقت مسيرة حلمي في البطولة المطلقة بفيلم «ميدو مشاكل» (2003) الذي قدم فيه نفس الشخصية، ثم بدرجات أقل هزلية في أفلام «زكي شان» (2005)، و«مطب صناعي» (2006) و«ظرف طارق» (2006)، و«جعلتني مجرمًا» (2006).
سنلاحظ أن حلمي قدم شخصيتين مختلفتين تمامًا في نفس الفترة في أدوار ثانية أو مشاركة في البطولة في فيلم «السلم والثعبان» (2001) و«سهر الليالي» (2003)، وهي الأدوار التي لاقى أداؤه فيها قبولًا واستحسانًا كبيرًا. ثم جاءت بعد ذلك المرحلة الوسيطة في رحلة حلمي وهي المرحلة الأكثر نجاحًا والتي تخلص فيها تمامًا من شخصية الساذج والأبله فقدم شخصيات أكثر تعقيدًا في أفلام «صايع بحر» (2004)، و«كده رضا» (2007) و«آسف على الإزعاج» (2008) و«ألف مبروك» (2009) وأشهر أفلامه وأكثرها جماهيرية «عسل إسود» (2010) وأخيرًا «بلبل حيران» في العام نفسه.
في هذه المرحلة الوسيطة سعى حلمي للبحث عن نصوص سينمائية ذات حبكات أكثر جودة وشخصيات أكثر عمقًا لديها دوافع ورغبات أكثر واقعية، وبدا بشكل واضح أنه استطاع الخروج من حفرة الكوميديا المصرية، قبل أن يسقط مرة أخرى في حفرة أكثر عمقًا فيغيب لسنوات طويلة في أعمال يمكن أن نطلق عليها «أفلام التنمية البشرية» التى اعتمدت على شعارات كتب التنمية البشرية التي اتنشرت انتشارًا واسعًا في تلك الفترة، والتي تروج لمفاهيم مثل المثابرة والاجتهاد والطاقة الإيجابية والسعي لتحقيق الأحلام، ورغم التفاوت في درجة النجاح الجماهيري والتجاري التي حققتها تلك الأفلام إلا أن حلمي لم يستطع أن يستعيد في أي منها بريق مرحلته الوسيطة بأعمالها المميزة.
محمد سعد في مشهد من فيلم «اللمبي»
بنى محمد سعد الجانب الأعظم من مسيرته الفنية على ابتكار درجات متطرفة للغاية من شخصية الساذج والأبله. بعد بدايته عبر مجموعة متنوعة من الأدوار الصغيرة في أعمال كان أشهرها «الطريق إلى إيلات»، جاءت انطلاقة سعد الأولى شعبيًا وجماهيريًا من خلال شخصية اللمبي التي قدمها في فيلم «الناظر» (2000)، أعقبها شخصية أقل تطرفًا في «55 إسعاف» رفقة أحمد حلمي، ثم دخل في مرحلة طويلة من «اللمبي» (2002)، واللمبي مرة أخرى في «اللي بالي بالك» (2003) ثم درجات أكثر تطرفًا مع شخصيات «عوكل» (2004)، و«بوحة» (2005)، و«كتكوت» (2006)، و«كركر» (2007)، و«بوشكاش» (2008) ثم عودة إلى اللمبي مرة ثالثة في «اللمبي 8 جيجا» (2010)، ثم المرحلة الأكثر ترهلًا في مسيرته والتي شملت إعادة استنساخ لشخصياته المتطرفة في «تتح» (2013) وتتح مرة أخرى في «حياتي مبهدلة» (2015) وشخصية أطاطا في مسلسل «فيفا أطاطا» (2014)، وشخصية بوحة في مسرحية «صبح صبح» (2017)، وغيرها من الأعمال التي يحمل عنوانها مقطعين متناسخين مكررين.
أما أحمد مكي الذي بدأ مسيرته من نفس الشخصية الساذجة التي تعيش في عالمها الخاص المفارق للواقع، فقد اعتمد على ابتكار الشخصيات أيضًا ولكن بدرجة أقل تطرفًا من محمد سعد، فقدم شخصية هيثم دبور في المسلسل الكوميدي «تامر وشوقية» (2006) والتي لاقت قبولًا واسعًا فتم استدعائها في العام التالي مباشرة في فيلم «مرجان أحمد مرجان»، إلى جانب تكرار ظهورها في الجزء الثاني من «تامر وشوقية» في نفس العام. واستثمارًا للنجاح الكبير للشخصية أفرد لها فيلمًا خاصًا في أول بطولة لمكي في فيلم «إتش دبور» (2008).
واصل مكي ابتكار الشخصيات التي تقوم على تنويعات مختلفة من شخصية الساذج في أفلامه التالية فقدم شخصية بهيج في «طير إنت» (2009) ثم ابتكر واحدة من أنجح شخصياته حزلقوم في فيلم «لا تراجع ولا استسلام» (2010) والتي لم تكن سوى درجة مغالية في السذاجة والبله والغياب التام في عالمها الخاص من شخصياته السابقة، ثم كرر نفس الشخصية في فيلمه التالي «سيما علي بابا» الذي قدم فيه شخصيتين أخريين من نفس العينة، قبل أن تعيد شخصية حزلقوم ظهورها في ملحمة مكي الشهيرة «الكبير أوي» بأجزائها الستة، والتي ابتكر فيها شخصيتين جديدتين هما الكبير أوي وجوني.
محمد هنيدي في مشهد من فيلم «وش إجرام»
يجسد النجم محمد هنيدي التجربة العكسية تمامًا لأقرانه، فبعد أن جاءت انطلاقته الجماهيرية الكبيرة من خلال أدوار صغيرة في أفلام مثل «المنسي» و«قشر البندق» و«سارق الفرح» و«بخيت وعديلة» بجزئيه، ثم نجاحه الكبير في أدوار البطولة الجماعية في فيلمي «حلق حوش» و«إسماعيلية رايح جاي»، بدأ هنيدي مسيرته الفنية كنجم من خلال أفلام «صعيدي في الجامعة الأمريكية» (1998) و«همام في أمستردام» (1999)، و«بلية ودماغه العالية» (2000) و«جاءنا البيان التالي» (2001). في كل هذه الأفلام قدم هنيدي شخصيات حقيقية أكثر عمقًا وتركيبًا من شخصية الساذج، شخصيات لديها هدف حقيقي تسعى لتحقيقه وتقابل بعقبات واقعية تدفع بها إلى صراع درامي داخلي وخارجي، حتى وإن تم حل الصراع في أغلب هذه الأفلام بشكل سهل وبسيط ومجاني، لكنها، وإن تفاوتت درجة ذكائها، لم تكن أبدًا شخصيات سلبية تعيش في عالمها الخاص أو شخصيات ساذجة بعيدة عن الواقع.
ثم جاءت المرحلة الوسيطة في رحلة هنيدي والتي تخلى فيها عن الشخصيات الحقيقية ليسقط في حفرة الشخصيات الساذجة بداية من فيلم «وش إجرام» (2006)، ثم «عندليب الدقي» (2007)، مرورًا بـ«رمضان مبروك أبو العلمين حمودة» (2008) ثم «أمير البحار» (2009). ولا يستثنى من هذه المرحلة الوسيطة سوى فيلم وحيد هو «تيتة رهيبة» (2012) والذي للمفارقة قدم فيه هنيدي شخصية ساذجة وعديمة الخبرة ولكن هذه السذاجة وانعدام الخبرة كانت عنصرًا أصيلًا في تكوين الشخصية وعقدتها وصراعها الخارجي والداخي.
ثم جاءت المرحلة الأخيرة من رحلة هنيدي، والتي آمن فيها أن سبيله الوحيد للخروج من هذه الحفرة هو الحفر على الناشف بحثًا عن مخرج في الاتجاه المعاكس؛ فتوالت الأعمال المترهلة التي تقدم شخصيات ممعنة في السذاجة حد العته من قبيل «عنترة ابن ابن ابن ابن شداد» (2017)، و«أرض النفاق» (2018)، و«الإنس والنمس» (2021)، و«نبيل الجميل أخصائي تجميل» (2022)، و«مرعي البريمو» (2023).
هشام ماجد من مشهد في فيلم «الحرب العالمية الثالثة»
تبدو تجربة نجوم الكوميديا في العقود الثلاثة الأخيرة تجسيدًا لإحدى النكات التي تحكي عن عشرة صعايدة يسيرون خلف بعضهم البعض في صف واحد سقطوا جميعًا في نفس الحفرة. ويبدو أيضًا أن هشام ماجد والذي جاء من بعدهم سيرًا في نفس الصف، قد انتبه إلى الحفرة وتجنبها.
جاءت تجربة الثلاثي هشام ماجد وأحمد فهمي وشيكو موازية لتجارب سابقيهم من نجوم الكوميديا في مطلع القرن الحادي والعشرين. تجربة شديدة الطزاجة والاختلاف بدأت بفيلم هواة فقير الإنتاج والجودة هو «رجال لا تعرف المستحيل»، قبل أن تتخذ طريقها الرسمي وتخترق صناعة السينما على استحياء بفيلم «ورقة شفرة» (2008). اعتمد الثلاثي على مزيج جديد من الفانتازيا والبارودي الذي حقق نجاحًا كبيرًا في أعمال مثل «سمير وشهير وبهير» (2010)، و«بنات العم» (2012)، و«الرجل العناب» (2013)، وأخيرًا «الحرب العالمية الثالثة» (2014)، قبل أن ينفصل الثلاثي على مرحلتين في الأولى استمر هشام ماجد وشيكو في تقديم ثنائيات تعتمد على نفس المزيج في أعمال مثل «حملة فريزر» (2016) و«خلصانة بشياكة» (2017) رفقة أحمد مكي، و«قلب أمه» (2018) وأخيرًا مسلسل «اللعبة» في جزئه الأول (2020) قبل أن ينطلق كل منهم في طريقه الخاص والمنفرد.
انتبه هشام ماجد منذ مرحلة مبكرة للغاية وقبل انفصال الثلاثي إلى تلك الحفرة العميقة التي يواصل نجوم الكوميديا الوقوع فيها. فستجد أن كل من أحمد فهمي وشيكو يقدمان تنويعات مختلفة من شخصية الساذج حتى في الأعمال المبكرة في حين يختار هشام ماجد شخصيات أكثر عمقًا. في «الحرب العالمية الثالثة» يقدم أحمد فهمي صلاح الدين أخو علاء الدين، ويقدم شيكو نسخة طفولية ساذجة من توت عنخ آمون، في حين يقدم هشام ماجد شخصية بها مسحة من الشر في علاقتها بسيد مارد المصباح أو في خططها الفردية للخلاص على حساب كل من حوله. في «الرجل العناب» يقدم شيكو شخصية هزلية وساذجة لرجل الشرطة، ويقدم أحمد فهمي شخصية الأحمق ذو القدرات الخارقة عصفور، في حين يقدم هشام ماجد شخصية الدكتور بيرم، شخصية استغلالية لديها أطماعها الخاصة التي تسعى لتحقيقها.
يتكرر الأمر في المرحلة الثانية بعد انفصال أحمد فهمي، ففي حين يواصل شيكو تقديم شخصية الممثل الساذج والأحمق في فيلم «حملة فريزر»، يجسد هشام ماجد شخصية جادة تمامًا لرجل شرطة يسعى لإتمام مهمة خاصة بنجاح، وتتحول هذه الجدية المفرطة في وسط أجواء كاملة من العبث والفانتازيا هي مصدر الكوميديا الرئيسي الذي يعتمد عليه هشام ماجد.
حتي في المرحلة الثالثة والأخيرة بعد الانفصال التام للثلاثي، نجد أن شيكو يواصل تقديم نفس شخصية الساذج والغبي في بطولته المطلقة الأولى فيلم «ابن الحاج أحمد»، بينما يقدم هشام ماجد شخصيات حقيقية وأكثر تعقيدًا على ما بينها من تفاوت في درجة الذكاء أو الضعف ولكنها ليست شخصيات ساذجة بأي حال، كما في أفلام «حامل اللقب»، و«تسليم أهالي»، و«إكس مراتي». وأخيرًا في موسم رمضان 2024 يواصل شيكو تقديم شخصية الساذج في مسلسل ضعيف مثل «خالد نور وولده خالد»، بينما يقدم هشام ماجد شخصية جادة وكوميديا مختلفة ومتنوعة في «أشغال شقة».
مصطفى غريب مجسدًا شخصية عربي في مسلسل «أشغال شقة»
حقق مسلسل «أشغال شقة» نجاحًا كبيرًا في موسم الدراما الرمضانية لعام 2024 كفل لصناعه فرصة تكرار التجربة في جزء ثانٍ هذا العام من خلال مسلسل «أشغال شقة جدًا» والذي بدوره حقق نجاحًا لافتًا وجذب المزيد من الجمهور.
يعتمد المسلسل على معالجة فكرة تقليدية ومكررة عن الأسرة التي تداهمها المهام المنزلية بعد إنجاب طفلين مرة واحدة فتسعى للبحث عن خادمة للاضطلاع بتلك المهام. ولكن على الرغم من تقليدية الفكرة إلا أن مسلسل «أشغال شقة» بجزئيه يقدمها بشكل مميز يجمع بين أنواع مختلفة من الكوميديا في قالب واحد. وعلى الرغم من تفاوت المستوى بين الحلقات وبعضها، بل وبين المشاهد وبعضها، إلا أنه يبقى تجربة متميزة.
يقدم هشام ماجد في «أشغال شقة» شخصية جديدة بالكلية على شاشة التلفزيون، وسيما في الأعمال الكوميدية، وهي شخصية الطبيب الشرعي الذي يواجه طيف كبير جدًا من المواقف الغريبة والمختلفة عن مواقف الحياة العادية، ولكنه في الوقت نفسه رب أسرة وأب لأربعة أطفال وعليه أن يواجه في هذا الصدد طيف آخر من المشاكل والمواقف العادية تمامًا. هذا المزيج المميز يضفي على الشخصية عمقًا أكبر، لكن الأهم هنا هو الاقتراب الذي اختاره هشام ماجد لأداء الشخصية، وهو الأداء الجاد والواقعي تمامًا. فعلى الرغم من غرائبية ومبالغة العديد من المواقف التي يتعرض لها وبعدها عن الواقع، إلا أنه يتعامل معها بشكل جدي وليس هزلي، ومن هنا تظهر أول منابع الكوميديا، وهي كوميديا الموقف.
تمتد كوميديا الموقف لتشمل مظلتها العديد من الشخصيات الأخرى الرئيسية منها والثانوية، ففي حين مثلًا أن أسماء جلال هي أبعد ما تكون عن ممثلة كوميدية بحكم الموهبة والتعريف التقليدي للممثل الكوميدي، إلا أنها لا تفتقد إلى المواقف الكوميدية التي تخلق الضحك بمنأى عن الأداء التمثيلي. من ذلك مثلًا لجوئها في الجزء الأول إلى فادي (اللي بيجيب الفولورز لماهيتاب) من أجل المزيد من النجاح والانتشار في عملها كمقدمة برامج تلفزيونية، أو موقفها في الجزء الثاني من النجمة سوسن بدر التي تتعامل معها بدرجة من الاعتداد بالنفس والفوقية بعد أن تظن خطأً أنها بطلة المسلسل، ثم تكتشف أنها ستقوم فقط بدور الشخصية في مرحلة الشباب، ثم تستكمل سوسن بدر الدور بطلة للعمل.
إلى جانب كوميديا الموقف، يتميز المسلسل أيضًأ في الاعتماد على أدوات مختلفة لخلق الكوميديا سواء من خلال الصورة أو الصوت، وهو الأمر الذي يعود أكبر الفضل فيه إلى المخرج خالد دياب والذي سبق وقدم تجربة كوميدية شديدة التميز في فيلم «طلق صناعي» اعتمد فيها على مزيج متنوع من مختلف أشكال الكوميديا. في إحدى حلقات الجزء الثاني عندما يضطر الدكتور حمدي ومساعده عربي إلى إجراء اختبار مخدرات، وفي أثناء محاولة الاثنين استبدال عينات التحليل يتسلق حمدي جدار الحمام الفاصل بينه وبين عربي، قبل أن يدخل مديره المباشر إلى الحمام نفسه لإجراء الاختبار. مزيج مميز للغاية من كوميديا الموقف والصورة الذي تم تنفيذه بدرجة كبيرة من الجودة دون الإخلال بجدية الشخصية الرئيسية التي يلعبها هشام ماجد.
وأخيرًا، لا يخلو المسلسل من الكوميديا اللفظية، أو كوميديا الإفيه التي تتبادلها الشخصيات وإن كانت بمساحة أكبر وأكثر حرية لشخصية عربي التي يلعبها الفنان مصطفى غريب بتلقائية محببة للغاية؛ تجعلها من أكثر شخصيات المسلسل قبولًا وشعبية لدى الجمهور. يتوافر لمصطفى غريب مزيج مميز للغاية من الأداء التلقائي السلس الذي يعتمد على موهبة فطرية، ومن الكتابة الجيدة وغير المبتذلة للجمل الكوميدية والإيفهات اللفظية. في إحدى حلقات الجزء الثاني يسأله الدكتور منعم: ما هو أكبر بحر في العالم؟ فيجيب عربي بتلقائية: البحر الأعظم. هذه المفارقة اللفظية البسيطة بين سؤال منطقي وإجابة ساذجة باسم شارع شهيرة في محافظة الجيزة يشير إلى نهر النيل الذي يجاوره هذا الشارع وليس أي بحر من البحور، تثير الضحك لدى الجمهور.
شخصية عربي هي نموذج جديد ومختلف للشخصية الساذجة التي تتسبب حماقاتها طوال الوقت في أزمات ومواقف مثيرة للكوميديا، ولكنها حتى الآن مكتوبة بشكل لطيف وبدون أي مغالاة على الطريقة التقليدية، ويزيد من تأثيرها موهبة مصطفى غريب الكوميدية والمواقف الحقيقية والجادة التي تنشأ من خلالها.
ولهذا يمكن أن نقول إن مسلسل «أشغال شقة» بجزئيه هو تجربة مميزة للغاية تقدم أشكالًا مختلفة ومتداخلة من الكوميديا بحس شديد التميز، وهو ما يرجع في المقام الأول لإدراك هشام ماجد لحفرة الكوميديا ورغبة ثابتة في تجنب السقوط فيها، ومعالجة بصرية وإخراجية مميزة لخالد دياب الذي على ما يبدو متمكن للغاية من أدواته وفهمه للكوميديا، وأخيرًا درجة معتدلة من الكوميديا اللفظية والمبالغات الهزلية التي يأتي في القلب منها شخصية العربي الساذجة، والتي قد تمثل انطلاقة لنجم كوميديا جديد يقترب من الحفرة، لذا وجب التنويه والتحذير.
# دراما رمضان # مسلسلات رمضان # أشغال شاقة جدًا # هشام ماجد # دراما رمضان 2025